للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وارد جهنم {كَانَ عَلَى رَبِّك} ورودكم {حَتْمًا مَقْضِيًّا} والحتم إيجاب القضاء، والقطع بالأمر، ويقال: كان ذلك الأمر حتما أي: موجبا، ويقال للأقضية والأمور التي قضى الله بكونها الحتوم، قال أمية:

حنَانَي رَبِّنَا وَلَه عَنَوْنَا ... بِكَفَّيْهِ المَنَايَا وَالحُتُومُ (١)

وقوله تعالى: {مَقْضِيًّا} أي: قضاه الله عليكم.

قال ابن مسعود في قوله: {حَتْمًا مَقْضِيًّا}: (قسما واجبا) (٢). وكان الإجماع أن هذه الآية قسم من الله بورود النار، وموضع القسم قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} الآية وهذه الآية (٣) ترجع إلى ما قبلها بالعطف، وهي داخلة في الجملة المقسم عليها، وقيل: القسم مضمر بتقدير: وإن منكم والله إلا واردها كقوله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء: ٧٢] [المعنى: والله لمن ليبطئن] (٤) فأضمر (٥). وأكثر الناس على الحكم بظاهر هذه الآية وهو:


(١) البيت لأمية بن أبي الصلت. انظر: "لسان العرب" (حتم) ٢/ ٧٧١.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ١١٤، "النكت والعيون" ٣/ ٣٨٥، "ابن كثير" ٣/ ١٤٦.
(٣) قوله: (وهذه الآية)، ساقط من نسخة (س).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).
(٥) "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٣٢٢، "المحرر الوجيز" ٩/ ٥١٠، "البحر المحيط" ٦/ ٢٠٩، "الدر المصون" ٧/ ٦٢٥. وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" ٤/ ٣٥٤: الذي يظهر لي والله أعلم أن الآية ليس يتعين فيها قسم؛ لأنها لم تقترن بأداة من أدوات القسم، ولا قرينة واضحة دالة على القسم، ولم يتعين عطفها على القسم، والحكم بتقدير قسم من كتاب الله دون قرينة ظاهرة فيه زيادة على كلام الله بغير دليل يجب الرجوع إليه، وأقرب أقوال من قالوا: إن في الآية قسما قول من قال إنه معطوف على قوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} لدلالة قرينة لام القسم في الجمل المذكورة على ذلك، أما قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فهو محتمل للعطف أيضا، ومحتمل، للاستئناف والعلم عند الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>