للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يريد وليس يراد به معنى البعث، كما قال الراجز (١):

أَرْسَلَ فِيْهَا بَازِلًا يَقدمه

وَهُوَ بِهَا بخوا طَرِيْقًا يَعْلَمُه

يريد خلى، يريد: بين الفحل وبن طروقته ولم يمنعه منها. قال فمعنى الآية: خلينا بين الشياطين وبين الكافرين. أي: لم نعصمهم منهم ولم نعذهم، بخلاف المؤمنين الذين قيل فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَان} [الحجر: ٤٢]، [الإسراء:٦٥] هذا كلام أبي علي في شرح أحد وجهي الإرسال (٢). وإلى هذا الوجه يذهب القدرية في معنى الآية. وليس المعنى على ما يذهبون إليه (٣).


(١) لم أهتد إلى قائله. بازلاً: يقال للبعير إذا استكمل السنة الثامنة وطعن في التاسعة وفطر نابه فهو حينئذ بازل، وهو أقصى أسنان البعير، وسميي بازلًا من البزل، ويقال للأنثى بازل وجمعها بوازل. بخبخة البعير: هدير يملأ الفم شقشقته.
انظر: "تهذيب اللغة" (بزل) ١/ ٣٢٨، "لسان العرب" (بزل) ١/ ٢٧٦.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) وقال الشنقيطي -رحمه الله- في "أضواء البيان" ٤/ ٣٨٩: أي: سلطانهم عليهم وقيضناهم لهم وهذا هو الصواب. خلافًا لمن زعم أن المعنى: {أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ} الآية، أي: خلينا بينهم وبينهم، ولم نعصمهم من شرهم. يقال أرسلت البعير أي: خليته.
قال الرازي في "تفسيره" ١١/ ٢٥١: وقد تعلق المجبرة بذلك لأن عندهم أن ضلال الكافر من قبله تعالى بأن خلق فيهم الكفر وقدر الكفر فلا تأثير لما يكون من الشيطان، وإذا بطل حمل اللفظ في ظاهره فلابد من التأويل فتحمله على أنه تعالى خلى بين الشياطين وبين الكفار وما منعهم من إغوائهم وهذه التخلية تسمى إرسالاً في سعة اللغة، وهذه التخلية وإن كان فيها تشديد للمحنة عليهم فهم متمكنون من أن لا يقبلوا منهم ويكون ثوابهم على ترك القبول أعظم والدليل عليه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}، =

<<  <  ج: ص:  >  >>