للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البعوضة في الصغر متوهم معقول، وإن لم ير، كما قال: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥)} [الصافات: ٦٥] [الصافات: ٦٥] فالمشبه به معقول وإن لم ير، وكما قال الشاعر:

وَمَسْنُونةٌ زُرْقٌ كَأنْيَابِ أغْوَالِ (١)

ولم ير ناب الغول. ويؤكد هذا التأويل قول أبي عبيدة في هذه الآية وهو أنه (٢) قال: (فما فوقها) يعني: فما دونها (٣). و (فوق) من الأضداد، لأنه لا فوق (٤) إلا ويصلح أن يكون دون، لأن من فوقك (٥) يصلح أن يكون دون غيرك فذلك فوق (٦) من وجه ودون من وجه (٧). وإذا كان (فوق) بمعنى


(١) عجز بيت لامرئ القيس وصدره:
أيقْتُلُنِي والمشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي
المشرفي: السيف، (مسنونة زرق): سهام محددة الأزجه صافية، شبهها بأنياب الأغوال، تشنيعا ومبالغة في الوصف، والأغوال: الشياطين، وقيل: الحيات. انظر "ديوان امرئ القيس": ص ١٢٥، "تهذيب اللغة" (غال) ٨/ ١٩٣، "المخصص" ٨/ ١١، "اللسان" (غول) ٦/ ٣٣١٨، "البحر المحيط" ٢/ ٣٠٤.
(٢) في (ب): (أن).
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥.
(٤) في (ب): (لا فرق).
(٥) في (ب): (فوق الصلح).
(٦) (فوق) ساقط من (ب).
(٧) انظر: "الأضداد" لأبي حاتم: ص١٠١، ولابن الأنباري: ص ٢٥٠، وقد ذكر عن قطرب: (أن فوق تكن بمعنى: (دون) مع الوصف، كقول العرب: إنه لقليل وفوق القليل، ولا تكون بمعنى: (دون) مع الأسماء، كقول العرب: هذِه نملة وفوق النملة ...) ورد أقوال المفسرين الذين قالوا: إن (فوقا) في الآية بمعنى (دون)، وغلّطه ابن الأنباري في هذا ورد عليه. والأقرب أن (فوق) في الآية تكون بمعنى: أعظم، وبمعنى: دون، وهذا هو اختيار ابن الأنباري، وانظر: "المشكل" لابن قتيبة: ص ٢٧، "البحر" ١/ ١٢٣، وابن كثير ١/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>