للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: حين كان في السَّرَب (١)، ألهمناه الرشد والهدى حتى عرف الحق من الباطل.

{وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} أي: نعلم (٢) أنَّه موضع لإيتاء (٣) الرشد، وأنه يصلح للنبوة (٤).


(١) السرب (بفتحتين): حفير تحت الأرض، وقيل: بيت تحت الأرض. "لسان العرب" لابن منظور ١/ ٤٦٦ (سرب). وما ذكره الواحدي هنا هو كلام الفراء في "معانيه" ٢/ ٢٠٦. وهذا القول معتمد على روايات خلاصتها: أن إبراهيم حين ولد خيف عليه من ملك زمانه وكان ذلك الملك قد أخبره منجموه أن ولدًا يقال له إبراهيم يولد في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا يفارق دين الملك ويكسر الأصنام، فكان الملك يقتل كل غلام يولد في ذلك الشهر من تلك السنة، فجعل في سَرَب، فبقى في ذلك السرب خمسة عشر شهرًا، ثم قال لأمه أخرجيني، فلما خرج من ذلك السرب أراه الله ملكوت السموات والأرض، كما قصه الله في سورة الأنعام. انظر: "الطبري" ١١/ ٤٧٤، ٤٨٠ - ٤٨٣. وهذه الرواية لا صحة لها، وليس لها ما يعضدها من كتاب أو سنة صحيحة، بل متلقاة عن بني إسرائيل. قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" ٣/ ١٨١: وما يذكر من الأخبار عنه من إدخال أبيه له في السرب -وهو رضيع- وأنه خرج به بعد أيام، فنظر إلى الكوكب والمخلوقات فتبصر فيها وما قصه كثير من المفسيرين وغيرهم، فعامتها أحاديث بني إسرائيل فما وافق منها الحق مما بأيدينا عن المعصوم قبلناه لموافقته الصحيحة وما خالف شيئًا من ذلك رددناه، وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة لا نصدقه ولا نكذبه بل نجعله وقفًا، وما كان من هذا الضرب منها فقد رخص في من السلف في روايته، وكثير من ذلك مما لا فائدة ولا حاصل له مما ينتفع به في الدين، ولو كانت فائدته تعود على المكلفين لبينتهُ هذه الشريعة الكاملة.
(٢) (نعلم): ساقطة من (د)، (ع).
(٣) في (أ): (لإتنا)، وهو خطأ.
(٤) قال ابن عطية في "المحرر" ١٠/ ١٦١: وهذا نحو قوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>