للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَاسْأَلُوهُمْ} اعتراض بين الكلامين كما تقول: عليه الدراهم فاسأله إن أقر. والمعنى: إن قدروا على النطق قدروا على الفعل، فأراهم عجزهم عن النطق والفعل. وفي ضمنه: أنا فعلت ذلك (١). وهذا معنى قول الزجاج (٢).

وقال غيره: هذا الكلام خرج مخرج الخبر، وليس بمعنى الخبر، إنما هو إلزام يدل على ذلك الحال، كأنه قال: بل ما تنكرون أن يكون فعله كبيرهم هذا (٣). والإلزام قد يكون بلفظ الخبر، والمعنى فيه: من اعتقد عبادتها لزمه أن يثبت لها فعلا. أي: فعله كبيرهم فيما يلزمكم (٤).

والفراء اختار مذهب المفسرين، وقال: قد أيد الله أنبياءه بأكثر من هذا (٥). والذين أحالوا أن يكون هذا كذبًا تأولوه على ما ذكرنا من الوجوه، وقالوا في قوله لساره هي أختي كانت أخته في الدين، وفي قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} أي: مغتم بضلالتكم حتى كأني سقيم، وأما ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:


(١) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٣١ أبنصه.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٩٧.
(٣) هذا: ليست في (ع).
(٤) ذكره هذا القول الحاكم في "التهذيب" ٦/ ١٥١ ب، والطوسي في "التبيان" ٧/ ٢٢٩ - ٢٣٠، والماوردي في "النكت والعيون" ٣/ ٤٥٢. من غير نسبة لأحد. وذكره بمعناه الزمخشري ٢/ ٥٧٧ قال: ويجوز أن يكون حكاية لما يقول إلى تجويز مذهبهم كأن مثال لهم: ما تنكرون أن يفعله كبيرهم، فإنَّ من حق من يُعبد ويُدعى إلها أن يعبد على هذا وأشد منه. وذكره القرطبي ١١/ ٣٠٠ من غير نسبة. وابن جزي ٣/ ٦٠ من غير نسبة. قال: كأنه يقول: إن كان إلها فهو قادر على أن يفعل أو إنه لم يقدر فليس بإله، ولم يقصد الإخبار المحض؛ لأنه كذب.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>