للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزَّجَّاج: فإن قال قائل: كيف يقال {أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} ولا نفع (١) من قبله ألبَتَّة. فالعرب تقول لما لا يكون: هذا بعيد. والدليل على ذلك قوله {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق: ٣] هذا كلامه (٢).

ومعنى هذا (٣): أنه لما كان يقال لما لا يكون هذا بعيد، فنفع الصنم بعيد؛ لأنه لا يكون، فلمَّا كان نفعه بعيدًا قيل لضره أنَّه (٤) أقرب من نفعه، على معنى أنَّه كائن (٥).


(١) في (أ): (ولا يقع)، وهو خطأ.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤١٥.
(٣) في (ظ)، (د)، (ع): (ومعنى الآية هذا).
(٤) أنه: ليست في (ظ)، (د)، (ع).
(٥) ذكر البغوي في "تفسيره" ٥/ ٣٦٩ أن هذه الآية -يعني قوله {لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} من مشكلات القرآن ثم قال: وفيها أسئلة. أولها: قالوا: قد قال الله في الآية الأولى "يدعو من دون الله ما لا يضره" وقال -هاهنا- "لمن ضره أقرب من نفعه" فكيف التوفيق بينهما؟.
وللعلماء أجوبة أخرى أقربها جوابان:
الأول: ما ذكره أبو حيان في البحر ٦/ ٣٥٥ بقوله: ونفى هنا التفسير والنفع وأثبتهما في قوله "لمن ضره أقرب من نفعه" وذلك لاختلاف المتعلق، وذلك أن قول "ما لا ينفعه" هو الأصنام والأوثان ولذلك أتى التعبير عنها بـ"ما" التي لا تكون لآحاد من يعقل، وقوله "يدعو لمن ضره" هو من عبد باقتضاء وطلب من عابديه من المدعين الإلهية كفرعون وغيره من ملوك بني عبيد الذين كانوا بالمغرب ثم ملكوا مصر فإنهم كانوا يدعون الإلهية ويطاف بقصرهم في مصر وينادون مما ينادى به رب العالمين من التسبيح والتقديس، فهؤلاء -وإن كان منهم نفع مّا لعابديهم في دار الدنيا- فضررهم أعظم وأقرب من نفعهم إذْ هم في الدنيا مملوكون للكفّار وعابدون لغير الله، وفي الآخرة معذبون العذاب الدائم، ولهذا كان التعبير هنا بـ"من" التي هي لمن يعقل. =

<<  <  ج: ص:  >  >>