للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسدي (١).

وقوله تعالى: {جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} أي: من أعلام دينه. والمعنى: جعلنا لكم فيها عبادة لله -عز وجل-، من سوقها إلى البيت، وتقليدها، وإشعارها، ونحرها، والإطعام منها. ومضى الكلام في تفسير الشعائر (٢).


(١) ذكره عنه الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٥٢ ب.
ورواه الطبري ١٧/ ١٦٣ عن عطاء بلفظ: البقرة والبعير.
وللمفسرين في البدن قول آخر وهو أنها الإبل خاصّة، ذكره الماوردي ٤/ ٢٦ وعزاه للجمهور. وحكاه القرطبي ١٢/ ٦١ عن ابن مسعود وعطاء والشافعي. وحكى القول الأول عن مالك وأبي حنيفة.
ثم قال القرطبي: والصحيح ما ذهب إليه الشافعي وعطاء، لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح في يوم الجمعة: "من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة" الحديث. فتفريقه -عليه السلام- بين البقرة والبدنة يدل على أن البقرة لا يقال لها بدنة. والله أعلم. وأيضًا قوله تعالى: "فإذا وجبت جنوبها" يدل على ذلك، فإن الوصف خاصٌ بالإبل، والبقر يضجع ويذبح كالغنم. انتهى من القرطبي ١٢/ ٦١.
والحديث الذي أشار إليه القرطبي رواه البخاري في صحيحه (كتاب الجمعة -باب فضل الجمعة ٢/ ٣٦٦، ومسلم في صحيحه (كتاب الجمعة -باب الطيب والسواك يوم الجمعة ٢/ ٥٨٢ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وصحح ابن كثير ٣/ ٢٢١ أنَّ البقرة يطلق عليها بدنة شرعًا.
ونقل ابن الجوزي ٥/ ٤٣٢ عن القاضي أبي يعلى أنه قال: البدنة اسمٌ يختص الإبل في اللغة، والبقرة تقوم مقامها في الحكم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. اهـ.
والذي يظهر أن البدن في الآية هي الإبل للتعليل الذي ذكره القرطبي، والبقرة تدخل في مسمى البدن من حيث اتحاد الحكم بينهما.
(٢) في (ظ): (الشعيرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>