للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المكسور به وبقي على حكم المصدر كما بقي عليه المكسور. وإذا ثبت هذا فقوله (سخريا) في القراءتين جميعًا مصدر وصف به ولذلك أفْرد (١).

قال ابن عباس -في هذه الآية-: يريد يستهزئون بهم.

وقال مقاتل: إنّ رؤوس كفار قريش كانوا يستهزئون من بلال وعمار وخَبَّاب وصهيب وسالم وفقراء العرب، ازْدَرَوْهُم (٢).

قوله: {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ} يريد تركتم موعظتي.

وقال مقاتل: ترككم الاستهزاء لا تؤمنون بالقرآن (٣).

قال أبو علي: {أَنْسَوْكُمْ} يجوز (٤) أن يكون منقولًا من الذي بمعنى الترك، ويمكن أن يكون (من) (٥) الذي هو خلاف الذكر، واللفظ على أنهم فعلوا بكم النسيان، والمعنى: أنكم أنها المتخذون عبادي سُخْريا نسيتم ذكري باشتغالكم باتخاذكم إيّاهم سخريا وبالضحك منهم. أي: تركتموه من أجل ذلك، فنسب الإنساء إلى عبادِه المخلصين وإن لم يفعلوه لما كانوا كالسبب لإنسائهم، وهذا كقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: ٣٦] فنسب الإضلال إلى الأصنام لما كانت سببًا في الإضلال (٦).


(١) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٣٠٣ - ٣٠٥ مع تقديم وتأخير وتصرّف. وانظر: "علل القراءات" للأزهري ٢/ ٤٤١ - ٤٤٢، "إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه ٢/ ٩٥، "حجة القراءات" ص ٤٩٢، "الكشف" لمكي ٢/ ١٣١.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٣ ب.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٣ ب.
(٤) في (أ): (ويجوز).
(٥) زيادة من الحجة.
(٦) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ١٩١ - ١٩٢ عند كلامه على قوله "أو ننسها" [البقر ة: ١٠٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>