للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي عن يزيد بن هارون أنه قال: هذا عندي إن جامعها وهو (١) مستحل فهو مشرك، وإن (٢) جامعها وهو محرِّم فهو زان (٣).

وهذا التأويل لا يعترض النسخ على الآية.

قال أبو عبيد: يذهب (٤) ابن عباس في رواية سعيد بن جبير (٥) إلى أن قوله {لَا يَنْكِحُ} إنما هو الجماع، ولا يذهب به إلي التزويج، والكلمة محتملة للمعنيين جميعًا في كلام العرب، والله أعلم (٦).

وقال أبو إسحاق: قول من قال: إنَّ معنى النكاح هاهنا: الوطء يبعد؛ لأنه لا يعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب الله إلا على معنى التزويج كقوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: ٣٢] {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: ٤٩]، ولو كان المعنى على الوطء لما كان في الكلام فائدة؛ لأن القائل إذا قال: "الزانية لا تزني إلا بزان، والزاني لا يزني إلا بزانية" فليست فيه فائدة إلا على وجهة التغليظ للأمر، كما تقول للرجل الذي قد عرف بالكذب: هذا كذاب، تريد به تغليظ (٧) أمره، والذي فيه الفائدة وتوجيه اللغة أنَّ المعنى معنى التزويج (٨).

وروي عن الحسن أنه قال -في تفسيره هذه الآية- الزاني إذا أقيم عليه


(١) في (أ): (فهو).
(٢) في (أ): (فإن).
(٣) رواه الثعلبي ٣/ ٦٨ ب بإسناده عن يزيد، به.
(٤) في جميع النسخ: (فذهب)، والمثبت من "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد.
(٥) قوله "في رواية سعيد بن جبير": من كلام الواحدي.
(٦) "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ١١٢.
(٧) في (أ): (تغليظًا).
(٨) "معاني القرآن" للزجَّاج ٤/ ٢٩ - ٣٠ مع تقديم وتأخير وحذف.

<<  <  ج: ص:  >  >>