للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال قوم الذي تولى كبره هو (١) حسان بن ثابت (٢).

روي عن مسروق قال: كنت عند عائشة فدخل حسان بن ثابت فألقي له وسادة فلما خرج قلت لعائشة: تدعين هذا الرجل يدخل عليكم وقد قال


= رأس أهل الإفك، فقيل: لأنَّ الحدود تخفيف عن أهلها وكفارة، والخبيث ليس أهلًا لذلك، وقد وعده الله العذاب العظيم، فيكفيه ذلك عن الحدّ. وقيل: بل كان يستوشي الحديث ويجمعه ويحكيه، ويخرجه في قوالب من لا ينسب إليه. وقيل: الحد لا يثبت إلا بالإقرار أو ببينة وهو لم يقر بالقذف، ولا شهد به عليه أحد، فإنه إنّما كان يذكره بين أصحابه، ولم يشهدوا عليه، ولم يكن يذكره بين المؤمنين.
وقيل: بل ترك حدّه لمصلحة هي أعظم من إقامته، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه، وتكلّمه بما يوجب قلته مرارًا، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام، فإنَّه كان مطاعًا فيهم، رئيسًا عليهم، فلم تؤمن الفتنة في حدِّه. ولعله ترك لهذه الوجوه كلها. اهـ.
ولعل أقرب الوجوه هو الأخير، يدل عليه ما في "صحيح البخاري" كتاب "التفسير" ٨/ ٤٥٣ - ٤٥٤ من حديث عائشة في قصة الإفك وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول، فقال: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟ .. الحديث. فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام رجل فقال لسعد: كذبت لعمر الله لنقتلنّه .. فتساور الحيّان الأوس والخزرج حتى همُّوا أن يقتتلوا، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخفضّهم حتى سكتوا وسكت.
(١) في (أ): (فهو)، وهي ساقطة من (ع).
(٢) قال ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٢٧٢: وهو قول غريب، ولولا أنّه وقع في "صحيح البخاري" يعنى الرواية التي سيسوقها الواحدي بعد ذكره لهذا القول. ما قد يدل على إيراد ذلك لما كان لإيراده كبير فائدة. فإنه من الصحابة الذين لهم فضائل ومناقب ومآثر، وأحسن مآثره أنَّه كان يذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>