للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} قال ابن عباس: يعني بُيوتًا ليست لكم (١) {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} قال: يريد: حتى تستأذنوا (٢). وهو قول عكرمة (٣)، ومقاتل (٤)، وقتادة (٥)، والسدي (٦).

قال أبو إسحاق: معنى {تَسْتَأْنِسُوا} في اللغة: تستأذنوا. وكذلك هو في التفسير. والاستئذان: الاستعلام. يقول: آذنته بكذا: أعلمته، وكذلك آنست منه كذا، أي: علمت منه. ومنه قوله {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء:


(١) رواه ابن أبي حاتم ٧/ ٣٢ أعن سعيد بن جبير.
(٢) رواه الطبري ١٨/ ١١٠، وابن أبي حاتم ٧/ ٣٢ أمن طرق عن ابن عباس.
(٣) ذكر السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ١٧١ عن عكرمة قال: هي في قراءة أبيّ (حتى تسلموا وتستأذنوا). وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٧ أ.
(٥) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٥٥، والطبري ١٨/ ١١٠، وابن أبي حاتم ٧/ ٣٢ أ.
(٦) لم أجد من ذكره عنه.
قال العز بن عبد السلام في كتابه "الإشارة إلى الإيجاز" ص ٧٨: {تَسْتَأْنِسُوا} تطلبوا الأنس بكم، أي: تطلبوا أن يأنس بكم صاحب البيت، وأنسه به بانتفاء الوحشة والكراهية، وهذا كناية لطيفة عن الاستئذان، أي: أن يستأذن الداخل، أي يطلب إذنًا من شأنه أن لا يكون معه استيحاش ربّ المنزل بالداخل .. فإنَّه إذا أذن له دلّ على أنَّه لا يكره دخوله، وإذا كره دخوله لا يأذن له، والله متولي علم ما في قلبه: فلذلك عبَّر عن الاستئذان بالاستئناس مع ما في ذلك من الإيماء إلى علة مشروعية الاستئذان.
وفي ذلك من الآداب أن المرء ينبغي أن لا يكون كلًا على غيره، ولا ينبغي أن يعرّض نفسه إلى الكراهية والاستثقال، وأنه ينبعي أن يكون الزائر والمزور متوافقين متآنسين، وذلك عون على توفر الأخوّة الإسلامية. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>