للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدال (١)، على أن فاعل (تَوقَّد) المصباحُ، وهذه القراءة هي البيّنة لأنَّ المصباح هو الذي يتوقد. قال امرؤ القيس:

سَمَوت إليها والنُّجوم كأنَّها ... مصابيح رهبان تُشبُّ لقفَّال (٢)


(١) (توقَّد). انظر: "السبعة" ص ٤٥٥ - ٤٥٦، "التيسير" ص ١٦٢.
(٢) البيت في "ديوانه" ص ٣١ وروايته فيه:
نظرت إليها والنجوم كأنها.
وفي "الحجة" ٥/ ٣٢٤ بمثل رواية الواحدي.
وفي "العمدة" لابن رشيق ٢/ ٤٥، و"خزانة الأدب" ١/ ٦٨ بمثل رواية الديوان. وقبل هذا البيت:
تنوَّرتُها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظرٌ عالِ
قال ابن رشيق في "العمدة" ٢/ ٤٥: ومن بيان المبالغة قول امرئ القيس يصف نارًا -وإن كان فيه إغراق:- نظرت إليها والنجوم .. والبيت. يقول: نظرت إلى نار هذه المرأة تُشب لقفال، والنجوم كأنها مصابيح رُهبان وقد قال: تنورتها من أذرعات .. البيت، وبين المكانين بعد -لأن أذرعات بالشام ويثرب هذه المدينة- وإنما يرجع القُفال من الغزو والغارات وجه الصباح فإذا رآها من مسيرة أيام وجه الصباح، وقد خمد سناها وكلِّ موقدها، فكيف كانت أول الليل؟! وشبَّه النجوم بمصابيح الرهبان أنَّها في السحر يضعف نورها كما يضعف نور المصابيح الموقدة ليلها أجمع، لا سيما مصابيح الرهبان لأنَّهم يكلون من سهر الليل، فربما نعسوا في ذلك الوقت.
ونقل البغدادي في "خزانة الأدب" ١/ ٦٩ عن بعضهم قوله: ومن التشبيه الصادق هذا البيت، فإنَّه شبَّه النجوم بمصابيح رهبان لفرط ضيائها، وتعهد الرهبان لمصابيحهم وقيامهم عليها لتزهر إلى الصبح، فكذلك النجوم زاهرة طول الليل وتتضاءل إلى الصبح كتضاؤل المصابيح له.
وقال: "تشب لقفال" لأن أحياء العرب بالبادية إذا قفلت إلى مواضعها التي تأوي إليه من مصيف إلى مشتى إلى مربع، أوقدت لها نيران على قدر كثرة منازلها وقلتها؛ ليهتدوا بها، فشبَّه النجوم ومواقعها في السماء بتفرق تلك النيران واجتماعها من مكان بعد مكان، على حسب منازل القفال بالنيران الموقدة لهم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>