للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترون. فمعناه: هو هذا السبق على قدر الدرجات. وقال أبو إسحاق: أي: أتصبرون على البلاء فقد عرفتم ما وُعِد الصابرون (١).

وقال صاحب النظم: ليس لقوله: {أَتَصْبِرُونَ} في الظاهر انتظام ما اتصل به من اللفظ؛ لأن فيه إضمارًا كأنه يقول: لنعلم أتصبرون أم لا. فأومأ بقوله: {أَتَصْبِرُونَ} إلى هذا الإضمار لأنه يقتضيه.

وذكر عطاء عن ابن عباس قولًا آخر في هذه الآية؛ وهو: أن الله تعالى لما ذكر أن من أرسل قبله كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ذكر أنه جعل محمدًا -صلى الله عليه وسلم- سبب ضلالة من أنكروا نبوته بقولهم: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} الآية، فقال: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ} يعني: محمدًا -صلى الله عليه وسلم- {لِبَعْضٍ} يعني: المشركين {فِتْنَةً} ضلالة، ثم قال لنبيه: {أَتَصْبِرُونَ} يريد: اصبر. هذا الذي ذكرنا معنى قوله (٢).

ويجوز أن يكون الاستفهام يراد به الأمر كقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١] أي: انتهوا. كذلك هاهنا أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالصبر على ما يسمعون من المشركين (٣) {وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (٤) أي: بمن يصبر


= الفراء هذا القول ٢/ ٢٦٥، ولم ينسبه. وعلى هذا يكون الخطاب هنا لكفار قريش. أي: أتصبرون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمان وأصحابه حتى تكونوا معهم في الدين والأمر سواء. "تنوير المقباس" ص ٣٠٢.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢٦.
(٢) أي: معنى قول ابن عباس -رضي الله عنهما-. قال الضحاك، في معنى: قوله تعالى. {أَتَصْبِرُونَ} أي: على الحق. القرطبي ١٣/ ١٨.
(٣) "تفسير السمرقندي" ٢/ ٤٥٦. و"تفسير أبي حيان" ٦/ ٤٥٠.
(٤) في هذه الآية تكريم للنبي -صلى الله عليه وسلم- بإضافته لربوبية الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>