للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"من تعلم القرآن وعلق مصحفًا لم يتعاهده، ولم ينظر فيه، جاء يوم القيامة معلقًا به، يقول: يا رب العالمين، عبدك هذا اتخذني مهجورًا، اقضِ بينيى وبينه" (١).

وذكر صاحب النظم وجهًا آخر من الهجر، فقال: يجوز أن يكون المهجور مصدرًا، كالهجر، والهجير، ويكون المعنى: اتخذوا هذا القرآن هُجرًا، أي: إذا سمعوه قالوا فيه الهجير، وقالوا: إنه هجر، كما يقال: اتخذْنَا فلانًا ضحكَة أو سُخرة، أي: إذا رأيناه ضحكنا منه وسخرنا منه. وهذا النظم أبلغ، من أن لو قيل: هجروا القرآن، أو هجروا فيه؛ لأنه يدل على أنهم جعلوا عادتهم هجر القرآن (٢). وذكرنا تحقيق هذا الفصل عند قوله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: ٢٩] وعند قوله: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} [إبراهيم: ٤٠] (٣).


(١) قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" ٢/ ٤٥٩: رواه الثعلبي، ثم ساق إسناده، وفيه: ثنا أبو هدبة إبراهيم بن هدبة، ثنا أنس بن مالك. ويوجد في النسخة التي عندي من "تفسير الثعلبي" سقط في سورة الفرقان من الآية: ٢٠، إلى: ٣٧. قال ابن حجر: أخرجه الثعلبي من طريق أبي هدبة عن أنس؛ وأبو هدبة كذاب. "الكشاف الشاف بحاشية الكشاف" ٣/ ٢٧٠. قال الإمام أحمد: إبراهيم بن هدبة لاشيء، روى أحاديث مناكير. وقال يحيى بن معين: كذاب خبيث. "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي ١/ ٥٨.
(٢) حاصل الأقو الذي قوله تعالى: {مَهْجُورًا} ثلاثة؛
١ - أنهم هجروه بإعراضهم.
٢ - أنهم قالوا فيه هُجراً، أي: قبيحاً.
٣ - أنهم جعلوه هُجراً من الكلام، وهو ما لانفع فيه من العبث، والهذيان. "تفسير الماوردي" ٤/ ١٤٣. واقتصر الواحدي في: "الوسيط" ٣/ ٣٣٩، و"الوجيز" ٢/ ٧٧٨، على القول الأول. وذكر ابن القيم أن هجر القرآن أنواع خمسة. "الفوائد" ص ٨١. ونحوه في "تفسير ابن كثير" ٦/ ١٠٨.
(٣) قال الواحدى: قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} ذكره على النعت ولم =

<<  <  ج: ص:  >  >>