للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله تعالى: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} قال الزجاج: أنزلناه كذلك متفرقًا؛ لأن معنى قولهم: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} يدل على معنى: لِمَ نزل عليه القرآن متفرقًا فأعلموا لِمَ ذلك (١)؛ وهو قول: {لِنُثَبِّتَ} وذهب قوم إلى أن قوله: {كَذَلِكَ} من كلام المشركين؛ فقالوا: إنهم قالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ} أي: كالتوراة، والإنجيل، والكتب المتقدمة (٢). وعلى هذا نحتاج إلى إضمار في الآية


= الحِمّاني، واسمه: عبد الحميد بن عبد الرحمن، أبو يحي الكوفي، صدوق يخطئ، ورمي بالإرجاء. ميزان الاعتدال ٢/ ٥٤٢، و"التقريب" ص ٥٦٦. وفيه: حبيب بن أبي الأشرس، ضعيف جدًا بل متروك. "ميزان الاعتدال" ١/ ٤٥٠. و"تاريخ ابن معين" ٣/ ٣٥٦، رقم: [١٧٢٥]. وأخرجه عنه النسائي في "السنن الكبرى" ٥/ ٦، من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة. وقد أورد ابن كثير ٦/ ١١٠، حديث النسائي، ولم يعلق عليه.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٦. وقد اقتصر الواحدي -رحمه الله- على هذا القول في: "الوسيط" ٣/ ٣٤٠، و"الوجيز" ص ٧٧٨، مما يدل على اختياره له، وإن لم يصرح بهذا هنا. والله أعلم.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٧، ولم ينسبه. ونقله عنه النحاس، القطع والائتناف ٢/ ٤٨٣. وقال النحاس في "إعراب القرآن" ٣/ ١٦٠: والأولى أن يكون التمام {جُمْلَةً وَاحِدَةً}؛ لأنه إذا وقف على {كَذَلِكَ} صار المعنى: كالتوراة والإنجيل والزبور، ولم يتقدم لها ذكر. وهذا قول حسن، ولأن مشركي قريش لم يكونوا أهل كتاب حتى يطالبوا بالمثلية؛ وعليه فإن هذه الآية لا تصلح دليلاً للقول بأن الكتب السماوية السابقة كانت تنزل جملة واحدة، وما ذُكر من حكمة الإنزال المفرق تشهد للقول بأنها كانت تنزل مفرقة. وقد ورد هذا المعنى صريحاً في قولٍ لابن عباس -رضي الله عنهما- أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩٠، بلفظ: لنشدد به فؤادك، ونربط على قلبك، يعني. بوحيه الذي نزل به جبريل عليك من عند الله، وكذلك يفعل بالمرسلين من قبلك. لكن في إسناده بشر بن عمارة، وهو ضعيف، =

<<  <  ج: ص:  >  >>