للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل أن يكون المعنى: اذهبا بآياتنا إلى القوم الذين كذبوا، فتكون الآيات من صلة الذهاب، لا من صلة التكذيب، وتكذيبهم في ذلك الوقتِ لم يكن بآيات موسى، وإنما كان بآيات مَنْ تقدمه من الأنبياء؛ كإبراهيم وإسحاق ويعقوب. وفرعونُ حين ادعى الربوبية، وقومُه لمَّا أطاعوه، كانوا مكذبين أنبياء الله وكتبه (١).

قوله: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} أي: أهلكناهم بالعذاب (٢) إهلاكًا. يعني:

الغرق (٣)، وما دمر عليه (٤) من صنايعهم كقوله: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} [الأعراف: ١٣٧]، وقال صاحب النظم: معنى الآية: فذهبا، وكُذِّبَا {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} ودخول الفاء دلالة على هذا الإضمار. والتدمير لم يكن بعد الأمر لهما بالذهاب، إنما كان بعد الذهاب والتكذيب (٥).


= ونسبه السمرقندي ٢/ ٤٦٠، للكلبي، ثم قال: وقال بعضهم: هذا التفسير خطأٌ. لأن الآيات التسع أعطاها الله تعالى موسى بعد ذهابه إليه.
(١) اختار هذا القول الواحدي في "الوسيط" ٣/ ٣٤٠، واقتصر عليه، ولم يتعرض لذلك في "الوجيز". واختاره ابن الجوزي ٦/ ٨٩. وشهد لهذا العموم "تفسير مجاهد" للآيات في هذه الآية بالبينات، دون تحديد لها. أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩٣. قال السمرقندي ٢/ ٤٦٥: {بِآيَاتِنَا} أي: بتوحيدنا، وديننا.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ١٧٩ ب، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وعن السدي. وذِكرُ لفظ التدمير للمبالغة في وصف ما أصابهم؛ لأنه كسر الشيء على ووجهٍ لا يمكن معه إصلاحه. "تفسير المراغي" ١٩/ ١٥ و"روح المعاني" ١٩/ ١٨.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣. بمعناه، و"تفسير مقاتل" ٤٥ ب. بنصه، و"تفسير هود الهواري" ٣/ ٢٠٩.
(٤) كذا في النسخ الثلاث: عليه، ولعل الصواب: عليهم.
(٥) قال الرازي ٢٤/ ٨١: التعقيب هاهنا محمول على الحكم لا على الوقوع، وقيل: إنه تعالى أراد اختصار القصة فذكر حاشيتيها أولها وآخرها لأنهما ألمقصود من القصة بطولها، أعني إلزام الحجة ببعثة الرسل، واستحقاق التدمير بتكذيبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>