للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني نوحًا وما جاءهم من خبر الرسل (١)، قال: وجوز أن يكون يعني به الواحد، ويذكر لفظ الجنس، كما تقول للرجل الذي ينفق الدرهم الواحد: أنت ممن ينفق الدراهم؛ أي: ممن نفقته من هذا الجنس. وفلان يركب الدوابَّ وإن لم يكن يركب إلا دابَّة واحدة (٢). وهذا قول ابن عباس، ومقاتل؛ لأنهما قالا في قوله: {كَذَّبُوا الرُّسُلَ} يعني: نوحًا وحده (٣).

قوله: {أَغرَقنَاهُمْ} أي: بالطوفان (٤). قال الكلبي: أمطر الله عليهم من السماء أربعين يومًا، وخرج ماء الأرض أربعين يومًا، فصارت الأرض بحرًا واحداً (٥).

{وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ} أي: لِمن بعدهم {آيَةً} عبرة (٦)، ودلالة على


(١) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣، بمعناه.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٨، بنصه قال السمرقندي ٢/ ٤٦١: يعني نوحًا وحده، كما قال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ} [المؤمنون: ٥١] ولم يكن إلا واحد وقت هذا الخطاب فيجوز أن يذكر الجماعة ويراد به الواحد، كما يذكر الواحد ويراد به الجماعة.
(٣) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. وأيد هذا القرطبي ١٣/ ٣١، فقال: لأنه لم يكن في ذلك الوقت رسول إليهم إلا نوح وحده. وذكر الطوسي ٧/ ٤٩٠، وجهاً غريباً في الآية، فقال: وقيل: المعني نوحاً، والرسل من الملائكة.
(٤) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣. و"تفسير الطبري" ١٩/ ١٣. وهذا إغراق عام، لم ينج منه سوى أصحاب السفينة فقط. "تفسير ابن كثير" ٦/ ١١١.
(٥) هذا التحديد لم أجد له دليلاً، فالماء قد فجره الله من تحتهم، وأنزله من فوقهم {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر ١١ - ١٢].
(٦) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣. و"تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. وأخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩٤، عن الربيع بن أنس. وفيه: عبرة ومتفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>