للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعنى: الحجارة، كل حجر في العِظَم على قدر إنسان (١) {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا} في أسفارهم إذا مروا بها فيخافوا ويعتبروا (٢).

قال ابن عباس: كانت قريش في تجارتها إلى الشام تمر بمدائن قوم لوط (٣). وذلك قوله: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} [الصافات: ١٣٧].

ثم أعلم الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن الذي جرأهم على التكذيب، وترك المبالاة بما شاهدوا من التعذيب في الدنيا أنهم كانوا لا يصدقون بالبعث، فقال: {بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} [الفرقان: ٤٠] قال ابن عباس ومقاتل: لا يخافون بعثًا، ولا


= لابن عباس، وأبو السعود ٦/ ٢١٩، والألوسي ١٩/ ٢١، أنها خمس قرى، فأهلك الله أربعاً، وبقيت الخامسة، وكان أهلها لا يعملون ذلك العمل الخبيث. وهذا مخالف لظاهر القرآن؛ لأن الله تعالى لم يستثن منهم قرية، بل استُثني من العذاب أهلُ لوط -صلى الله عليه وسلم- فقط. قال الله تعالى: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} [الشعراء: ١٧٠، ١٧٣]، قال ابن كثير ٤/ ١٧٤: والغرض أن الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوطاً -عليه السلام-. وذكر ابن عطية ١١/ ٤٢، وابن كثير ٦/ ١١٢، والبيضاوي ٢/ ١٤٢، أن اسم القرية: سدوم، بالشام. قال أبو حاتم في كتاب: المُزال والمُفسَد: إنما هو سذوم، بالذال المعجمة، والدال خطأ. نقله الأزهري، في "تهذيب اللغة" ١٢/ ٣٧٤، وصححه. وعنه ياقوت في معجم البلدان ٣/ ٢٢٦ - واقتصر المراغي ١٩/ ١٨، والألوسي ١٩/ ٢١، على ذكرها بالذال.
(١) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. وذكره البرسوي ٦/ ٢١٤، ولم ينسبه. وهي حجارة السجيل، المذكورة في قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: ٨٢]. ووصف مقاتل لها بأنها في العظم على قدر الإنسان يحتاج إلى إثبات؛ ووصفها بالإمطار يدل على أنها شبيهة بالمطر في الكثرة، والتتابع، ولا يلزم من ذلك كبرها وعظمها، والله أعلم.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ٩٩ أ. و"تفسير الماوردي" ٤/ ١٤٦.
(٣) ذكره البغوي ٦/ ٨٥، ولم يخسجه. ونسبه القرطبي ١٣/ ٣٤، لابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>