للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الكلبي: كانت العرب إذا هوى الرجل منهم شيئًا عبده من دون الله، فإذا رأى أحسن منه عبده حجرًا أو شجرًا أو أشباههما (١).

وقال سعيد بن جبير: كان أهل الجاهلية يعبد أحدهم الحجر فإذا رأى أحسن منه أخذه وترك الأول (٢).

وقال مقاتل: وذلك أن الحارث بن قيس السهمي (٣) هوى حجرًا فعبده (٤). وعلى هذا القول، تقدير الآية: أرأيت من اتخذ إلهه بهواه، فحذف الجار (٥). أو: إلهه ما يهواه، فسمي المفعول باسم المصدر، قال: فلان هوًى لفلان، إذا كان يهواه ويميل إليه، ومنه قول الشاعر:

هوًى بتهامة وهوًى بنجد ... فما أدري أُنِجِّدُ أم أغور (٦)

ومعنى الآية: تعجيب النبي -صلى الله عليه وسلم- من نهاية جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إليه الهوى، وما يدعو إليه الهوى باطل (٧). وهذا القول اختيار الفراء (٨).


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٨، بمعناه. ولم ينسبه، ونسبه القرطبي ١٣/ ٣٥، للكلبي.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ٩٩ أ، ولم ينسبه. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩٩، نحوه منسوبًا لابن عباس. ومثل رواية ابن أبي حاتم، ذكر الماوردي ٤/ ١٤٦، وابن كثير ٦/ ١١٣.
(٣) الحارث بن قيس بن عدي بن سعد القرشي السهمي، ذكره ابن جرير ١٤/ ٧٠ في المستهزئين عند قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: ٩٥].
(٤) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. ونسبه العز ٢/ ٤٢٦، للحسن.
(٥) "تفسير القرطبي" ١٣/ ٣٥.
(٦) لم أقف على من أنشد البيت، ولا على قائله. وفي "لسان العرب" ٥/ ٣٤ (غور): غور تهامة: ما بين ذات عرق والبحر وهو الغور، وقيل: الغور تهامة وما يلي اليمن.
(٧) فالاستفهام في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} للتقرير، والتعجب. البيضاوي ٢/ ١٤٢.
(٨) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>