للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هاهنا صفة؛ ألا ترىَ أنه قد ارتفع به الماء كما يرتفع الاسم بالصفات المتقدمة.

وأجاد أبو القاسم الزجاجي -رحمه الله- في تفسير الطهور، وكشف عن حقيقة المعنى؛ فقال: الطهور: اسم للماء الذي يتطهر به، ولا يجوز إلا أن يكون طاهرًا في نفسه، مطهرًا لغيره؛ لأن العرب إذا عدلت عن بناء: فاعل، إلى بناء: فعيل، أو فعول، لم تعدل إلا لزيادة معنى؛ لأن اختلاف الأبنية لاختلاف المعاني، فكما أنه لا يجوز التسوية بين صابر وصَبور، وشاكر وشَكور، كذلك في طاهر وطَهور، فإذا سويت بينهما فقد خالفت ما عليه موضوع الكلام. والشيء إذا كان طاهرًا في نفسه لا يجوز أن يكون من جنسه ما هو أطهر منه، حتى تصفه بقول: كل طهور لزيادة طهارته، وليس كذلك قادر وقدير، وعالم وعليم، وغافر وغفور؛ لأن هذه نعوت تحتمل (١) الزيادة، والطهارة ليست كذلك؛ لأنا إذا وصفنا الشيء بأنه طاهر فقد أدينا حقه، في (٢) وصفه بالطهارة، فإذا نقلنا هذا اللفظ إلى بناء من أبنية المبالغة لم (٣) يكن إلا لزيادة معنى فيه، وذلك المعنى ليس إلا التطهير، إذ لم يكن يحتمل زيادة الطهارة، كما يحتمل الغفور زيادة الغفران.

فإن قيل: هذه اللفظة من: طَهُر، وهو لازم، فكيف يجوز أن يُعدَّى ما تبنيه من فعل لازم؟ قلنا: الاعتبار والنظر في هذه اللفظة أدانا إلى معنى التطهير؛ وذلك أنه لا سبيل إلى إطلاق هذا الوصف على الماء الذي ليس


(١) في (أ)، (ب)، زيادة (العفو وزيادة الغفران)، والظاهر أنها تكرار لما سيأتي بعدها، فالكلام لا يستقيم بها.
(٢) في (أ)، (ب): واو، بدل: في.
(٣) في (أ)، (ب): (لم يكن)، وفي (ج): (لا يكون).

<<  <  ج: ص:  >  >>