للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} أي: فأسأل الله تسل عالمًا بكل شيء لا يخفى عليه خافية (١). وعلى هذا القول، معنى الآية: فاسأله تسل بسؤالك إياه خبيرًا. كما تقول: سل؟ تريد عالمًا. والمسؤول هو زيد، أي: سل زيدًا تسأل بسؤالك إياه عالمًا. وكان علي بن سليمان، يذهب إلى أن الكناية في {بِهِ} تعود إلى السؤال. وقوله: {فَاسْأَلْ} يدل على السؤال. والمعنى: فأسأل عالمًا بسؤالك (٢).

وقال أبو إسحاق: المعنى: فاسأل عنه خبيرًا (٣). وهو مذهب الأخفش، وجماعة، جعلوا الباء، بمعنى عن، كقوله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: ١]. وأنشدوا:

وإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب (٤)

أي: عن النساء (٥)، والمعنى: سل عن الله أهل العلم يخبروك، كما


(١) أخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧١٥، بسنده عن مجاهد: قال: ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك. وأخرج أيضًا بسنده ٨/ ٢٧١٥، عن شمر بن عطية: {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} قال: هذا القرآن خبيرًا.
(٢) "القطع والائتناف" ٢/ ٤٨٦، ونسبه لعلي بن سليمان. وهو: علي بن سليمان بن الفضل النحوي، أبو الحسن الأخفش الأصغر، قرأ على ثعلب والمبرد، وغيرهما، من مصنفاته: "شرح سيبويه"، و"التثنية والجمع". ت ٣١٥ هـ.
انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٤/ ٤٨٠، و"بغية الوعاة" ٢/ ١٦٧.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٧٣.
(٤) ذكره ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ص ٥٦٨، ونسبه لعلقمة. وهو في "ديوانه" ص ٢٣. وذكره الثعلبي ٨/ ١٠١أ، ولم ينسبه. وذكره الطبرسي ٧/ ٢٧٤، ونسبه لعلقمة بن عبدة، وفيه: بأغواء النساء. وذكره أبو البركات ابن الأنباري، في "البيان" ٣/ ٥٩، ولم ينسبه، ونسبه الشوكاني ٤/ ٨١، لامرئ القيس.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٠١ أ. وممن ذهب إلى هذا القول ابن قتيبة، "تأويل مشكل =

<<  <  ج: ص:  >  >>