للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة. كانوا لا يجاهلون أهل الجاهلية (١) والجهل (٢).


= يعترض عليه، وكذلك العز، في تفسيره ٢/ ٤٣١. وذكر البغوي ٦/ ٩٣، قول الحسن، بعد أن قال: وليس المراد منه السلام المعروف!. والذي يظهر أنه لا يمنع من إرادة السلام المعروف مانع، كما في الآية التي استدل بها الحسن، ويكون التسليم قطعاً للكلام وفراقاً بينهم. والله أعلم. وعلى هذا يفرق بين المشركين، وغيرهم من الجاهلين، وذلك للنهي عن ابتداء المشركين بالسلام، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، قَال: "لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ" وفي إحدى روايات مسلم: "إِذَاَ لَقِيتُمُوهُمْ" وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. أخرجهما مسلم ٤/ ١٧٠٧، كتاب السلام، رقم: ٢١٦٧. والترمذي ٥/ ٥٧، كتاب الاستئذان، رقم: ٢٧٠٠. قال ابن العربي ٣/ ٤٥٢: وقد اتفق الناس على أن السفيه من المؤمنين إذا جفاك يجوز أن تقول له: سلام عليك. وحمل الأصم السلام في الآية على أن المراد به سلام توديع لا تحية، كقول إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- لأبيه: {سَلَامٌ عَلَيْكَ} [مريم: ٤٧]. "تفسير الرازي" ٢٤/ ١٠٨. وأما ابن القيم، فإنه لم يرتض تفسير الآية بـ: سلام عليكم؛ فقال: ووَصَف نطقهم بأنه سلام فهو نطق حلم وسكينة ووقار لا نطق جهل، وفحش وخناء وغلظة، فلهذا جمع بين المشي والنطق في الآية، فلا يليق بهذا المعنى الشريف العظيم الخطير أن يكون المراد منه: سلام عليكم، فتأمله. بدائع الفوائد ٢/ ١٥٨. والتسليم لا ينافي ما ذكر ابن القيم؛ لأن التسليم فيه حلم وسكينة ووقار، ويشهد له حديث النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وَسَبَّ رَجُلٌ رَجُلاً عِنْدَهُ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الْمَسْبُوبُ يَقُولُ عَلَيْكَ السَّلامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَا إِنَّ مَلَكًا بَيْنكُمَا يَذُبُّ عَنْكَ كُلَّمَا يَشْتُمُكَ هَذَا قَالَ لَهُ بَلْ أَنْتَ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيْكَ السَّلامُ قَالَ لا بَلْ لَكَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ". أخرجه الإمام أحمد ٩/ ١٩١، رقم: ٢٣٨٠٦، قال ابن كثير ٦/ ١٢٢: إسناده حسن ولم يخرجوه. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، غير أبي خالد الوالبي، وهو ثقة. وجمع بين القولين ابن عاشور ١٩/ ٦٩.
(١) (الجاهلية) في (ج).
(٢) ذكره السيوطي، "الدر المنثور" ٦/ ٢٧٢، ونسبه لابن أبي حاتم، ولكني لم أجده عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>