للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عاداك (١). ونحو هذا حكى بعض المتأخرين عن الفراء، ولم أر له ذلك (٢).

والعدو: اسم يجوز إطلاقه على الجماعة، كما قال: {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ} [الكهف ٥٠] (٣) وقوله: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النساء ٩٢] وقد مرَّ (٤). وذلك أنه وضع موضع المصدر فلا يُثنى، ولا يُجمع، كما يوضع المصدر موضع الصفة؛ في نحو: رجل عدل، وتجوز تثنيته وجمعه؛ لأنه اسم (٥).

وقوله: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} قال أبو إسحاق: قال النحويون: إنه استثناء ليس من الأول. أي: لكن رب العالمين أعبده، ولا أتبرؤ منه. قال: ويجوز أن يكونوا عبدوا مع الله الأصنام، فقال: إن جميع من عبدتم عدو لي إلا رب العالمين؛ لأنهم سَووَّا آلهتهم بالله -عز وجل- فأعلمهم أنه قد تبرأ مما يعبدون إلا الله (٦). وهذا الذي ذكره هو مذهب مقاتل في هذه الآية؛ قال: إنهم كانوا يعلمون أن الله ربهم، وهو الذي خلقهم فإقرارهم بالله أنه خلقهم وهو ربهم عبادة منهم له (٧).

وقال الكلبي: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} يقول: إلا أن يكون فيكم أحدٌ يعبد


(١) "تأويل مشكل القرآن" ١٩٣.
(٢) ذكره عن الفراء الثعلبي ١١١ ب، وتبعه البغوي ٦/ ١١٧، وأحال محقق "تفسير البغوي" في الحاشية إلى "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨١، وليس فيه هذا القول، كما قال الواحدي.
(٣) ذكر هذا القول الأخفش، في "معاني القرآن" ٢/ ٦٤٣.
(٤) تفسير هذه الآية من سورة النساء من القسم المفقود من كتاب البسيط.
(٥) "تفسير ابن جرير" ١٩/ ٨٤، بمعناه.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٩٣.
(٧) "تفسير مقاتل" ٥١ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>