للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليهما فإذا ذكر مدين قيل: أخوهم، وإذا ذكر أصحاب الأيكة لا يقال أخوهم (١). وهذا معنى قول ابن عباس في هذه الآية: إن شعيبًا بعث إلى قومه، وإلى غير قومه، وهو من ولد مدين بن إبراهيم، وأصحاب الأيكة من جُذَام (٢).

قال المفسرون: الفائدة في أن الله تعالى ذكره أخبر عن كل شيء ذَكر في هذه السورة أنه قال لقومه: {أَلَا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} وأعاد هذا بلفظ واحد [هي: أنه أخبر أن هؤلاء الأنبياء دعوتهم كانت (٣) على وجه


(١) "تفسير مقاتل" ٥٤ أ. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١١٥ ب. و"تفسير الطوسي" ٨/ ٥٧. و"تفسير البغوي" ٦/ ١٢٦. وذكر السمرقندي، في تفسيره ٢/ ٤٨٢، هذا القول، ثم قال: "وقال بعضهم: كان مدين والأيكة واحداً، وهو الغيضة بقرب مدين، فذكره في موضع أخوهم، ولم يذكره في الآخر". وقيل: أصحاب الأيكة مدين، ولكنه قال أخوهم حين ذكرهم باسم قبيلتهم، ولم يقل أخوهم حين نسبهم إلى الأيكة التي هلكوا فيها تنزيهاً لشعيب عن النسبة إليها. تفسير ابن جزي ٤٩٦. قال ابن كثير ٦/ ١٥٨: "أصحاب الأيكة هم أهل مدين على الصحيح، وكان نبي الله شعيب من أنفسهم، وإنما لم يقل هاهنا: أخوهم شعيب؛ لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة، وهي شجرة فقطع نسب الأخوة بينهم للمعنى الذي نسبوا إليه، وإن كان أخاهم نسباً. ومن الناس من لم يتفطن لهذه النكتة فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين، فزعم أن شعيباً -عليه السلام-، بعثه الله إلى أمتين، ومنهم من قال: ثلاث أمم". ثم قال بعد أن سياق روايات ضعيفة في بعث نبي الله شعيب -عليه السلام- إلى أمتين: "والصحيح أنهم أمة واحدة، وصِفوا في كل مقام بشيء، ولهذا وعَظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء، فدل ذلك على أنهم أمة واحدة".
(٢) جُذَام بن عدي: قبيلة من كهلان من القحطانية ومساكنها بين مدين وتبوك. "معجم قبائل العرب" ١/ ١٧٤، عمر رضا كحالة.
(٣) في نسخة (ب): كانت دعوتهم. بتقديم: كانت.

<<  <  ج: ص:  >  >>