للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَحِيمٌ} أي: فإني أغفر له، والمعنى: لا يخاف الأنبياء والتائبون. وهذا اختيار أبي إسحاق (١).

وذهب آخرون إلى أن معنى (إِلا) هاهنا: ولا؛ كأنه قال: لا يخاف لدي المرسلون، ولا من ظلم ثم بدل حسنًا بعد سوء، فيكون المعنى في هذا الوجه كالمعنى في الاستثناء المنقطع، ولم يُجز الفراء هذا الوجه (٢). وذكرنا جواز كون (إِلا) بمعنى: ولا، عند قوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: ١٥٠] (٣).


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١٠. وبه قال أبو حيان ٧/ ٥٥. والبيضاوي ٢/ ١٧٢. وابن الأنباري، في البيان ٢/ ٢١٨. والمراغي ١٩/ ١٢٤. والبرسوي ٦/ ٣٢٣، لكنه جعل المعنى راجعًا إلى الأنبياء، فقال: استثناء منقطع، أي: لكن من ظلم نفسه من المرسلين بذنب صدر منه كآدم ويونس وداود وموسى، وتعبير الظلم لقول آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف ٢٣] وموسى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [القصص: ١٦].
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٧، قال الفراء: لم أجد العربية تحتمل ما قالوا، لأني لا أجيز: قام الناس إلا عبد الله، وهو قائم، إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلا من معنى الأسماء قبل إلا. واعترض على هذا القول أيضًا النحاس، فقال: معنى: إلا، خلاف معنى: الواو، لأنك إذا قلت: جاءني إخوتك إلا زيدًا، أخرجت زيدًا مما دخل في الأخوة، وإذا قلت: جاءني إخوتك وزيدٌ، أدخلت زيدًا فيما دخل فيه الأخوة، فلا شبه بينهما ولا تقارب. "إعراب القرآن" ٣/ ٢٠٠. واعترض عليه أيضًا ابن الأنباري، في "البيان" ٢/ ٢١٩. وذكر هذا القول ابن قتيبة، ولم يعترض عليه. "تأويل مشكل القرآن" ٢٢٠.
(٣) ذكر الواحدي في تفسيره لهذه الآية الخلاف في الاستثناء، واستطرد بذكر أقوال أهل اللغة، ثم قال: وقال معمر بن المثنى: إلا هاهنا معناها: الواو فهو عطف عُطف به: الذين، على: الناس، والمعنى: لئلا يكون للناس والذين ظلموا عليكم حجة، واحتج على هذا المذهب بأبيات منها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>