للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} من عنده بقبولٍ أم بِرَدٍ (١). قال الفراء: انقصت الألف من (بِمَ)؛ لأنها في معنى: بأي شيء، وإذا كانت (مَا) في موضع: أي، ثم وصلت بحرفٍ خافضٍ نُقصت الألف من (مَا) ليعرف الاستفهام من الخبر، ومن ذلك قوله: {فِيمَ كُنْتُمْ} [النساء٩٧] و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: ١] وإن أتممتها فصواب (٢)، وأنشدني المفضل (٣):

إنا قتلنا بقتلانا سَراتَكم ... أهلَ اللواء ففيما يكثرُ القِيلُ (٤)

قال: وأنشدنىِ أيضًا:

على ما قام يشتمني لئيمٌ ... كخنزيرٍ تمرَّغَ في رمادِ (٥)

وقال الزجاج: حروف الجر مع (ما) في الاستفهام تحذف معها الألف من (ما)؛ لأنهما كالشيء الواحد، وليُفصل بين الخبر والاستفهام، تقول: قد رغبت فيما عندك، فتثبت الألف، وتقول: فيم نظرت يا هذا؟


(١) "تفسير ابن جرير" ١٩/ ١٥٦.
(٢) قال النحاس: وأجاز الفراء إثباتها في الاستفهام، وهذا من الشذوذ التي جاء القرآن بخلافها. "إعراب القرآن" ٣/ ٢١١.
(٣) هو أبو طالب المفضل بن سلمة.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٩٢، ولم ينسبه. بلفظ: القيل، وفي نسخة (أ)، (ب): الفتك، وأورده البغدادي في "الخزانة" ٦/ ١٠٦، وقال: البيت من قصيدة لكعب ابن مالك، شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أجاب بها ابن الزبعرى، وعمرو بن العاص، عن كلمتين افتخرا بها يوم أحد. وسراة القوم: خيارهم. وهو في "ديوان كعب" ص ٨٣.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٩٢. ولم ينسب البيت، وكذا ابن جرير ١٩/ ١٥٦، والشاهد فيه: دخول الألف على: ما. والبيت في "ديوان حسان" ٧٩، من قصيدة يهجو فيه بني عابد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>