للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} أي: قال سليمان لما رأى ساقها وقدمها، ناداها: {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ} أي: مملس بالزجاج، وليس ببحر (١). وذكرنا الكلام في الممرد عند قوله: {كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج: ٣] (٢).

قال مقاتل: لما رأت السرير والصرح، علمت أن ملكها ليس بشيء عند ملك سليمان، وأن ملكه من الله، فقالت حين دخلت الصرح: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} يعنيِ: بعبادة الشمس {وَأَسْلَمْتُ} وأخلصت {مَعَ سُلَيْمَانَ} بالتوحيد {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} خرت لله ساجدة، وتابت إلى الله من شركها، فاتخذها سليمان لنفسه، وولدت له داود بن سليمان بن داود، وأمر لها بقرية من الشام لها خراجها، وكانت عذراء فاتخذت الجن الحمامات من أجلها (٣).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كانت من أحسن نساء العالمين ساقين، وهي من أزواج سليمان في الجنة" فقالت عائشة -أم المؤمنين- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: هي أحسن ساقًا مني؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنت أحسن ساقين منها في الجنة" (٤).


(١) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٥. وذكره في "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٧٩، ولم ينسبه.
(٢) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال ابن عباس: المريد الذي يتمرد على الله عز وجل. وقال أهل اللغة في المريد قولين؛ أحدهما: أنه المتجرد للفساد، والثاني: أنه العاري من الخير، ومنه قوله تعالى: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ} [النمل ٤٤] وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: {مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: ١٠١].
(٣) "تفسير مقاتل" ١٦٠. وذكره بنحوه الثعلبي ٨/ ١٣١ ب، ولم ينسبه. وذكر زواجها من نبي الله سليمان، وابنُ كثير في "البداية والنهاية" ٢/ ٢٤، ووصف هذا القول بأنه، أشهر وأوضح. والله أعلم.
(٤) ذكره بنصه، مقاتل ٦٠ أ؛ هكذا بدون إسناد. وذكره القرطبي ١٣/ ٢١٠، وصدره بقوله: وفي بعض الأخبار، وعزاه للقشيري.

<<  <  ج: ص:  >  >>