وذكر ابن جرير قراءة: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} ونسبها لأبي زرعة بن عمرو، ثم قال: والقراءة التي لا أستجيز غيرها في ذلك ما عليه عامة قراء الأمصار. ولعل من هذا جَزَمَ ابن كثير ٦/ ٢١٠، أن القول بأن الدابة تكلمهم فتقول لهم: {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ}؛ اختيار ابن جرير، ثم قال ابن كثير بعد ذلك: وفي هذا القول نظر لا يخفى. والله أعلم. وقال ابن عباس في رواية: تجرحهم. وعنه رواية: قال: كلا؛ تفعل يعني: هذا وهذا، وهو قول حسن، ولا منافاة، والله أعلم. ونسب قراءة: {تُكَلِّمُهُمْ} ابنُ خالويه وابنُ جني لابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والجحدري وأبي زرعة. "الشواذ" لابن خالويه ١١٢، و"المحتسب" ٢/ ١٤٤. ويشهد لهذا القراءة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم، ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل البعير، فيقال: ممن اشتريته، فيقول: من أحد المخرطمين". أخرجه الإمام أحمد ٨/ ٣٠٧، رقم: ٢٢٣٧١. والبغوي في "مسند ابن الجعد" ٤٢٧، رقم: ٢٩١٩. وذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" ١/ ٥٧٦، رقم: ٣٢٢. فتلخص من هذا أن الدابة تفعل هذا وهذا, ولا معارضة. والله أعلم. (١) جعل الهواري ٣/ ٢٦٦، لفظ الناس عامًا في المشركين كلهم، وهو أولى. (٢) بالبعث. في نسخة (ج). (٣) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر، بالكسر، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالفتح. "السبعة في القراءات" ٤٨٧، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٦ , و"إعراب القراءات السبع وعللها" ٢/ ١٦٤.