للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقع في يد عدوه الذي فررت به منه، فأنساها عظيم البلاء ما كان من عهد الله إليها. وهذا أيضًا قول مرضيّ.

وقال أبو عبيدة: {فَارِغًا} من الحزن، لعلمها أنه لم يقتل، ولم يغرق (١).

قال ابن قتيبة: وهذا من أعجب التفسير، كيف يكون فؤادها فارغًا من الحزن في وقتها ذاك، والله تعالى يقول: {لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون؟ قال: والعرب تقول للجبان، والخائف: فؤاده هواء. لأنه لا يعي عزمًا, ولا صبرًا، وقد خالفه المفسرون إلى الصواب؛ فقالوا: {فَارِغًا} من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتم بشيء مما يهتم به الحيُّ إلا أمرَ ولدها. انتهى كلامه (٢).

ووجه قول المفسرين ما ذكر؛ وهو: أن قلبها صار فارغًا من الصبر والعزم، وإنما قال المفسرون: إلا (٣) من ذكر موسى، لدلالة باقي الآية عليه؛ وهو قوله -عز وجل-: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} قال ابن عباس في رواية عطاء: كادت تخبر أن هذا (٤) الذي وجدتموه في التابوت هو ابني.


(١) "مجاز القرآن" ٢/ ٩٨. وذكر هذا القول ابن الأنباري، "الأضداد" ٢٩٨، عن بعض أهل اللغة، ولم يسمه، وجعل هذا الاختلاف مما يفسر من القرآن تفسيرين متضادين، وذكر القولين النيسابوري، "وضح البرهان" ٢/ ١٤٦، وصدر القول الثاني بـ: قيل.
(٢) "غريب القرآن" ٣٢٨. ويشهد له ما ذكره الفراء بإسناده عن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنه قرأ: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} من الفزع. "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٣، وذكر هذه القراءة ابن جرير ٢٠/ ٣٧، ورد قول أبي عبيدة بقوله: وهذا لا معنى له؛ لخلافه قول جميع أهل التأويل.
(٣) كلمة: إلا، ساقطة من نسخة: (ب).
(٤) هذا، ساقطة من نسخة: (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>