للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما معنى الآية: فإن الله تعالى نبههم بهذه الآية على أن كفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل (١)، وأراد به كفر سلفهم، وخاطبهم بهذا على ما بينا قبل (٢). قال المفسرون: إن الله تعالى لما أنجى موسى وبني إسرائيل وأغرق فرعون، وآمن بنو إسرائيل من عدوهم ودخلوا مصر، لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ممهدة، فواعد الله موسى أن يؤتيه الكتاب، فيه بيان ما يأتون (٣) وما يذرون، وأمره أن يصوم ثلاثين يوماً، فصامه وصالاً، ولم يطعم شيئاً، فتغيرت رائحة فمه، فعمد إلى لحاء شجرة فمضغها، فأوحى الله إليه: أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك، وأمره أن يصل بها عشراً، فتم ميقات ربه أربعين ليلة، وخرج موسى من بين (٤) بني إسرائيل تلك الأيام، فاتخذ السامري عجلاً، وقال لبني إسرائيل: هذا إلهكم وإله موسى، فافتتن بالعجل ثمانية آلاف رجل منهم، وعكفوا عليه يعبدونه (٥)، وسنذكر طرفاً من هذه القصة في موضعها (٦)، إن شاء الله.


(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٨١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٤.
(٢) يريد ما سبق في تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٤٠]، فجعل النعمة على آبائهم نعمة عليهم، وهذا يجري في (كلام العرب) كثيرًا. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٧، ١٠٤.
(٣) في (ج): (ما يؤتون).
(٤) (بين) ساقط من (ج).
(٥) بنحو هذا السياق ذكره الثعلبي في "تفسيره" دون قوله: (وأمره أن يصوم ثلاثين يومًا ..) ١/ ٧١ أ، وأخرج الطبري في "تفسيره" مقاطع منه في عدة آثار ١/ ٢٨٣، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٩٤، "تفسير البغوي" ١/ ٩٥، "ابن كثير" ١/ ٩٨.
(٦) في (ب): (موضها).

<<  <  ج: ص:  >  >>