للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك. وهذا مستعمل في الكلام. يقول القائل: نظر إلى فلان نظرًا يكاد يصرعني (١) ونظرًا يكاد يأكلني. وتأويله أنه نظر إليَّ نظرًا لو أمكنه معه (٢) أكلي، أو أن يصرعني لفعل. وهذا واضح (٣).

وقال ابن قتيبة: ليس يريد الله عز وجل في هذا الموضع أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه، وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظرًا شديدًا بالعداوة والبغضاء، يكاد يزلقك أي يسقطك كما قال الشاعر (٤):

يتقارضون إذا التقوا في موطن ... نظرًا يزيل مواطئ الأقدام

وقال أبو علي: معنى {لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} أنهم ينظرون إليك نظر البغضاء كما قال: ينظر الأعداء المنابذون، وأنشد البيت الذي أنشده ابن قتيبة (٥). والدليل على صحة ما ذهب إليه هؤلاء أن الله تعالى قرن هذا النظر بسماع القرآن. وهو قوله: {لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}، وهم كانوا يكرهون ذلك أشد


(١) (س): من قوله (لشدة نظره إلى وهو بين) إلى هنا زيادة.
(٢) (ك): (معه)، (س): (معي).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٢١٢.
(٤) البيت ورد غير منسوب في "تفسير غريب القرآن" (٤٨٢)، و"مشكل القرآن" (١٧٠ - ١٧١)، و"البيان والتبيين" ١/ ١١، و"الكشاف" ٤/ ٤٧٨، و"زاد المسير" ٨/ ٣٤٤، و"اللسان" ٣/ ٦٠ (قرض)، و"البحر المحيط" ٨/ ٣١٧ ومعنى (يتقارضون) أي: ينظر بعضهم إلى بعض نظر عداوة وبغضاء.
(٥) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٣١٢ - ٣١٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>