للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكراهية فيحدون إليه النظر بالبغضاء، والإصابة بالعين إنما تكون مع الإجاب والاستحسان، ولا تكن مع الكراهية والبغض، ويدل على ما ذكرناه قوله: {وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} أي: ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن (١) , فقال الله: {وَمَا هُوَ} يعني القرآن {إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} قال ابن عباس: موعظة للمؤمنين (٢). والله تعالى أعلم.


(١) نسبه الرازي إلى الجبائي ثم قال: واعلم أن هذا السؤال ضعيف؛ لأنهم وإن كانوا يبغضونه من حيث الدين لعلهم كانوا يستحسنون فصاحته وايراده للدلائل. انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٠٠، ونسبه القرطبي في "جامعه" ١٨/ ٢٥٥ للقشيري.
قلت: بل حال المشركين في مكة مع القرآن والنبي -صلى الله عليه وسلم- يدل على غاية الاستحسان ونهاية التعجب ولم ينسبوه -صلى الله عليه وسلم- إلى السحر والكهانة وغير ذلك إلا لشدة تأثيره على السامع، وقد بذلوا كل ما في وسعهم لصد القادمين إلى مكة من ملاقاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو سماعه وما ذاك إلا خشية دخول الناس في هذا الدين وصدق الله إذ يقول: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤]، وليس في الآية ما يمنع الجمع بين نظر العداوة والبغضاء، ونظر الحسد والإصابة بالعين، والله أعلم.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>