للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما هو فأينا، كذلك هاهنا المعنى بيننا، وكرر للتأكيد. وأما قوله تعالى: {عَوَان بَينَ ذَلِكَ} فأضاف (١) (بين) إلى ذلك من حيث جاز إضافته إلى القوم وما أشبه ذلك من الأسماء التي تدل على الكثرة وإن كانت مفردة، وإنما جاز أن يكون قولنا: (ذلك) يراد به مرة الانفراد ومرة الجمع والكثرة لمشابهته الموصولة كـ (الذي وما).

ألا ترى أن القبيلين يشتبهان في دلالة كل واحد منها على شيء بعينه. ألا ترى أن (الذي) لا يدل على زيد دون عمرو، و (ما) لا يدل على الفرس دون الحمار، وكذلك (من)، فكان (٢) قولنا (ذلك) وسائر المبهمة كذلك، فلما كان (الذي وما ومن) على ما وصفنا من الدلالة على الجموع والإفراد، وكانت تفرد والمراد في إفرادها الجمع في نحو قوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)} [الزمر: ٣٣] و {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: ١٧] و {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨] ونحو ذلك مما يكثر تعداده، وكانت المبهمة مثلها في أنها لا تخص (٣) بالدلالة نوعاً ولا شخصاً بعينه، أجري مجراها في أن المراد فيما استعمل منه مفرداً قد يكون الجماعة (٤).

وهذا واسع مستحسن في جميع المبهمة، فمن المبهمة (كم) في قوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ} [النجم: ٢٦]، وقال: {وَكَم


(١) في (ب)، (ج): (فأضيف)، وفي "الإغفال": (فإنما أضيف ..) ص ٢٢٨.
(٢) في (ب): (وكان).
(٣) في (ب)، (ج): (لا تختص)، وما في (أ) موافق و"الإغفال" ص ٢٢٩.
(٤) في "الإغفال": (لجماعة) ص ٢٢٩، وعبارته أوضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>