للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا كلام أهل المعاني في معنى خشية الحجارة (١)، والصحيح: أنها تخشى الله حقيقة كما قال مجاهد، ولكنا لا نقف على كيفية ذلك كسجود الجمادات لله تعالى، ذهب كثير من المفسرين إلى أنها تسجد لله تعالى على الحقيقة ولا نقف عليه نحن.

وقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} اختلف القراء في مثل هذا، فقرأوا بالياء والتاء (٢).

والقول في جملة ذلك (٣) أن ما كان قبله خطاب جعل بالتاء ليكون الخطاب معطوفاً على خطاب مثله، كقوله: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ} ثم قال: {عَمَّا تَعْمَلُون} فالتاء هاهنا حسن، لأن المتقدم خطاب.

ومن (٤) قرأ بالياء (٥) فمعناه: ما الله بغافل عما يعمل هؤلاء الذين أقتصصنا عليكم قصّتَهم (٦) أيها المخاطبون، وأما إذا كان قَلَبه غيبةً حَسُنَ أن


(١) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٥، وقد قال بعد أن ذكر هذه الأقوال: (وهذه الأقوال وإن كانت غير بعيدات المعنى مما تحتمله الآية من التأويل، فإن تأويل أهل التأويل من علماء سلف الأمة بخلافها، فلذلك لم نستجز صرف تأويل الآية إلى معنى منها)، ٢/ ٢٤٣، وإلى نحو هذا مال القرطبي في "تفسيره" وقال: إنه لا يمتنع أن يعطي الله الجمادات المعرفة والعقل ولا ندرك نحن كيفيته، ١/ ٤٦٥، وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١، وبهذا أخذ الواحدي كما يأتي قوله.
(٢) قرأ ابن كثير بالياء، وبقية السبعة بالتاء في هذه الآية، انظر: "السبعة" ص ١٦٠، "التيسير" ص ٧٤، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ١٠١.
(٣) نقله عن "الحجة" لأبي علي بتصرف ٢/ ١١٣.
(٤) في (ب): (فمن).
(٥) في (ج): (الياء) بسقوط الباء.
(٦) في (ب): (قصته).

<<  <  ج: ص:  >  >>