للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَوهم (١) وإنّما لم يصلح ها هنا (نعم) لأن (نعم)؛ إقرار، وإذا قال في هذا الموضع نعم، فقد أقرّ بالجحد وبالفعل الذي بعده، ألا ترى أنك لو قيل لك: أَمالَكَ مالٌ؟ فقلت: نعم، كنتَ مُقِرًّا بالكلمة بطرح الاستفهام وحده، كأنك قلت: نعم مالي مالٌ، فأرادوا أن يرجعوا عن الجحد ويُقرّوا بما بعده، فاختاروا (٢) (بلى) لأن أَصلها رجوع عن الجحد كما بينا (٣). ومعنى الآية: أنه ردّ على اليهود قولَهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ} فقال: (بلى) أُعذِّبُ من كَسَبَ سَيّئةً. و (مَنْ) هاهنَا بمعنى (الذي) (٤)، ولهَا أربعة أَوجُه: تكون بمعنى (الذي)، وتكون (٥) استِفهَامًا، وجزاءً، ونكرةً موصوفة، مثل:

وَكَفَى بِنَا فَضلًا عَلَى مَنْ غَيْرِنا ... حُبُّ النبيِّ محمّدٍ إيّانا (٦)

أي: على أحد غيرِنا.


(١) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٢، ونقله عنه الطبري في تفسيره ١/ ٣٨٤ - ٣٨٥، وأبن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٠٧. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٠٨، و"البيان" لابن الأنباري ١/ ٩٩.
(٢) في (م): (فقالوا).
(٣) ينظر في معنى (بلى): "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٢٣٤، و"البحر المحيط" ١/ ٢٧٩، و"مغني اللبيب" ١/ ١١٣ - ١١٤.
(٤) قال أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٢٧٩: (من) يحتمل أن تكون شرطية، ويحتمل أن تكون موصولة، والمسوغات لجواز دخول الفاء في الخبر إذا كان المبتدأ موصولًا موجودة هنا، ويحسنه المجيء في قسميه بالذين، وهو موصول.
(٥) في (ش): (تكون) في الموضعين.
(٦) البيت ذكره ابن هشام في "مغني اللبيب" ١/ ٣٢٨، وابن الشجري في "الأمالي" ٢/ ٣١١ منسوبا إلى حسان، ونسبه الزبيدي في "التاج" (مادة: من)، والبغدادي في "الخزانة" ٢/ ٥٤٥ إلى كعب بن مالك، انظر: "ديوان حسان" ١/ ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>