وهناك قول ثالث: مروي عن جابر أن أول ما نزل من القرآن: يا أيها المدثر. وهناك أقوال أخرى: أشهرها ما ذكره الواحدي عن أكثر المفسرين. قال القاضي أبو بكر في الانتصار: وأثبت الأقاويل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، ويليه في القوة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} وطرق الجمع بين الأقاويل أن أول ما نزل من الآيات: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، وأول ما نزل من أوامر التبليغ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}، وأول ما نزل من السور سورة الفاتحة. انظر "البرهان في علوم القرآن" للزركشي: ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨. وقال ابن تيمية: فسورة {اقْرَأْ} هي أول ما نزل من القرآن، ولهذا افتتحت بالأمر بالقراءة، وختمت بالأمر بالسجود، ووسطت بالصلاة التي أفضلها أقوالها، وأدلها بعد التحريم هو القراءة. ثم عزا القول "إنها من أول ما نزل" إلى جماهير العلماء. انظر: "مجموع الفتاوى" ١٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥. (١) ما بين القوسين ساقط من (أ). (٢) حراء: جبل، وهو صخري كثير الشعاب، صعب المرتقى، يقع في الشمال الشرقي لمكة، ويجاوره جبل ثبير، واشتهر جبل حراء بالغار الذي يعرف باسمه، كما يطلق عليه اسم جبل النور، لأن مهبط الوحي الأول على الرسول -صلى الله عليه وسلم-. "القاموس الإسلامي" ٢/ ٥٩، وانظر: "معجم ما استعجم" ٢/ ٤٣٢، و"معجم البلدان" ٢/ ٢٣٣. (٣) لقد وردت أحاديث عدة من طرق مختلفة بهذا المعنى؛ منها ما هو موقوف، ومنها ما هو مرفوع، وأصحها ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أوَّلَ ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يُرى رُؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يلحق بغار حراء، فيتحنث فيه. قال: والتحنث: التعبد الليالي ذوات العدد، قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجى إلى خديجة، فيتزود بمثلها، حتى فجَأهْ الحق وهو في غار حراء، فجاءه =