للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهُك، إذا خففت، وإن ثقلت قلت: حُسْنَ وَجهُك، فنقلت ضمة السين إلى الحاء، وعلى هذا ينشد:

فَإِنْ أَهْجُهُ يَضْجَرْ كَمَا ضَجْرَ بَازِلٌ ... من الأُدْمِ دِبْرَتْ (١) صفحتاه وكاهله (٢)

وإنما حملَهُم على هذا اسْتثقالهم الانتقال في الحركات المختلفة الذي يدل على هذا: أن اتفاق الحركات في فعل منعهم من هذا. فقالوا في نِعْمَ وبِئْسَ فرقًا بين المدح والذم وبين الخبر؛ ليخلُصا للمدح والذم لا يلتبسان بالخبر، ولهذا المعنى لم يتصرفا تصرف الأفعال؛ لأنهما تضمنا الدلالة على معنى الذم والمدح، كما أن التعجب لما كان خبرًا كسائر الأخبار إلا أنه زاد عليها بمعنى التعجب تُركَ تصرّفُه؛ ليدل به على زيادة المعنى، فكذلك (نعم وبئس)، يدل على أن القائل مادح أو ذامّ، وهو خبر باستحقاق المدح والذم.

وبئس ذمٌّ بشدة الفساد. وأصل الكلمة من الشدة، ومنه البأساء: وهو اسم للحرب والمشقة والضرر والشدة، ومنه {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعرف: ١٦٥] أي: شديد. وكل هذا ممَّا علّقته عن مشايخ هذه الصنعة.

فأما حكم هاتين الكلمتين وعملهما فقال أبو إسحاق: إنهما لا يعملان في اسم عَلم، إنما يعملان في اسم منكور دالّ على جنس، أو اسم فيه ألف ولام يدل على جنس، وإنما كانتا كذلك؛ لأنّ (نعم) مستوفية لجميع المدح، و (بئس) مستوفية لجميع الذمّ، فإذا قلت: نِعم الرجل زيدٌ،


(١) في (ش): (ديرت).
(٢) البيت للأخطل في "ديوانه" ص ٢١٧، ينظر: "لسان العرب" ٤/ ٤٨١ - ١٢/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>