للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أنه لا يجوز حمل الآية عليه؛ لأنك لو قدرت الهمزة للنقل كان المعنى ما ننسخك من آية، فتجعل (١) المفعول محذوفًا من اللفظ مرادًا في المعنى، كقولك: ما أعطيت من درهم فلن يضيع عندك، على معنى: ما أعطيتك، وإذا كان على هذا التقدير، كان المعنى: ما نُنَزِّلُ عليك من آية أو ننسها نأت بخير منها، وذلك أن إنساخه إياها إنما هو إنزال في المعنى، لأنه تمكين من نسخها بالكتابة، وإنما يتمكن بأن ينزل عليه، وليس هذا المراد بالآية ولا المعنى، ألا ترى أنه ليس كل آية أنزلت أُتي بآية أذهب منها في المصلحة، وإذا كان هذا التأويل يؤدي إلى الفساد في المعنى والخروج عن الغرض الذي قصد به الخطاب علمت أن توجيه التأويل إليه لا يصح (٢).

الوجه الثالث: أن يكون المعنى في أنسخت الآية: وجدتها منسوخة، كقولهم: أَجَدْتُ الرجل، وأَجْبَنْتُه، وأكذَبْتُهُ، وأَبْخَلْتُه، أي: أصبتُه على هذه الأحوال، فيكون معنى قوله (نُنسخْ): نجده منسوخًا، وإنما (٣) نجده كذلك


(١) في (ش): (فجعل).
(٢) عبارة أبي علي في "الحجة" ٢/ ١٨٥ هكذا: وذلك أن إنساخه إياها إنما هو إنزال في المعنى، ويكون معنى الإنساخ أنه منسوخ من اللوح المحفوظ أو من الذكر، وهو، الكتاب الذي نسخت الكتب المنزلة منه، وإذا كان كذلك فالمعنى: ما ننزل من آية، أو ما ننسخك من آية أو ننسها؛ لأن ابن عامر يقرأ: (أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها) وليس هذا المراد ولا المعنى، ألا ترى أنه ليس كل آية أنزلت أتي بآية أذهب منها في المصلحة فإذا كان تأويلها هذا التأويل يؤدي إلى الفساد في المعنى والخروج عن الغرض الذي قصد به الخطاب علمت أن توجيه التأويل إليه لا يصح، وإذا لم يصح ذلك ولا الوجه الذي ذكرناه قبله، ثبت أن وجه قراءته على القسم الثالث.
(٣) في (ش): (وأما).

<<  <  ج: ص:  >  >>