للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عاطفة بعد الاستفهام، كقولك: أخرج زيدٌ (١) أم عمرو؟ وأَزَيدٌ عندك أم عمرو؟، فيكون معنى الكلام: أيهما عندك؟، ولا تكاد تكون عاطفة إلا بعد الاستفهام (٢).

قال الفراء: ويجوز أن يستفهم بها، فتكون (٣) على جهة النسق في ظاهر اللفظ، وفي المعنى تكون استفهامًا مبتدأً به، منقطعًا مما قبله، وذلك مثل قوله تعالى: {الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [السجدة:١ - ٣]. فجاءت (أم) وليس قبلها استفهام، وهي دليل على أنها استفهام مُبتدأ على كلام قد سبقه (٤)، وتقديره: بل أتقولون افتراه، فلو لم يتقدمه كلام لم يجز أن تستفهمَ مبتدئا كلامك بـ (أم)، ولا يكون إلا بالألف أو بهل، فأم استفهام متوسط والمتقدم يكون بالألف أو بهل (٥).

فأما قوله {أَمْ تُرِيدُونَ} فيجوز فيه الوجهان جميعًا، إن شئت قلت قبله استفهام رُدَّ عليه، وهو قوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ} (٦).

فإن قيل: كيف يُرَدّ (أم تريدون) عليه والأول خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والثاني خطاب للجماعة؟ قيل: الله تعالى رجع في الخطاب من التوحيد إلى الجمع، وما خوطب به عليه السلام فقد خوطب به أُمّته، فيكتفى به من أُمّته، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١]، فوحَّد ثم جَمَعَ،


(١) في (ش): (زيدًا).
(٢) ينظر: "مغني اللبيب" ١/ ٤٢، "البحر المحيط" ١/ ٣٤٦.
(٣) في (أ)، (م): (فيكون).
(٤) كذا في "معاني القرآن" للفراء١/ ٧١.
(٥) من قوله: (فأم استفهام) ... ساقط من (ش).
(٦) كذا في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>