للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك فيما نحن فيه، ويكون المعنى على هذا: أيُّهما عندكم العلم بأن الله قدير، وأن له ملك السماوات والأرض، أم إرادة سؤال الرسول الآيات؟ والله تعالى علم أيهما عندهم.

وإن شئت جعلت أم منقطعًا مما قبله في المعنى، مستأنفًا بها الاستفهام، فيكون استفهامًا متوسطًا في اللفظ مُبتدئًا في المعنى، كقوله تعالى: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} الآية. ثم قال: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} [الزخرف:٥١ - ٥٢] وهذا يطرد فيه الوجهان العطف بالاستفهام، والابتداء به (١). ومثله قوله: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص:٦٢ - ٦٣]. فمن قرأ: {أَتَّخَذنَاهُم} بفتح الألف فـ (أم) جاءت بعد الاستفهام (٢)، ومن وصل الألف فـ (أم) فيه بمنزلته في قوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [السجدة: ٣].

قال الفراء: وربما جعلت العرب (أم) إذا سبقها استفهام لا يصلح فيه أيٌّ على جهة (بل) فتقول (٣): هل لك قبلنا حقٌ أم أنت رجل ظالم؟ على معنى: بل أنت (٤).

وأنشد ابن الأنباري على هذا:

تروحُ من الحيِّ أم تَبْتَكرْ ... وماذا يضُرُّك لو تَنْتَظِرْ (٥)


(١) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٢.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧١ - ٧٢.
(٣) في (أ)، (م): (فيقول). وفي "معاني القرآن" ١/ ٧٢: (فيقولون).
(٤) كذا بنحوه في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٢، ونقل أغلب ما سبق عن الفراء الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٨٤ - ٤٨٥، وينظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٤٤١.
(٥) البيت لامرئ القيس، ينظر: "ديوانه" ص ٦٨، "لسان العرب" ٥/ ٢٧٧٧، (مادة: عبد)، "المعجم المفصل" ٣/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>