للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالدعوة بعضَ الذُّرِّيَّة؛ لأن الله تعالى أعلمهما أن في ذريتهما من لا ينال العهد في قوله: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}.

وقوله تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}. (أرنا) يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون منقولًا من رأيت الذي يراد بها إدراك البصر، نقلت بالهمزة فتعدت إلى مفعولين، والتقدير: حذف المضاف، كأنه قال: أرنا مواضع مناسكنا، والمناسك: جمع منسك، وهو مصدر، جُمع لاختلاف ضروبه، والمعنى: عَرِّفْنا هذه المواضع التي تتعلق النسك بها؛ لنفعله ونقضي نسكنا فيها (١)، على حدِّ ما يقتضيه توقيفنا عليها، وذلك نحو: المواقيت التي يحرم منها، ونحو: الموضع الذي يوقف فيه بعرفةَ، وموضع الطواف، وموضع رمي الجمار، فهذا من: رأيتُ المواضع، وأريته زيدًا.

والوجه الآخر: أن يكون أرنا منقولًا من رأيت، الذي لا يراد به رؤية العين ولكن التوقيف على الأمر، وضرب من العلم. وإلى هذا ذهب أبو عبيدة في تأويل الآية فقال: (وأرنا مناسكنا) أي: عَلِّمْنا، وأنشد:

أريني جوادًا مات هَزْلًا لأَنني ... أرى ما تَرَيْنَ أو بخيلًا مُخَلَّدا (٢)


(١) في (م): (فيه)، وفي (ش): (بها).
(٢) البيت لحاتم الطائي، في "ديوانه" ص ٤٠، ولحطائط بن يعفر، "مجاز القرآن" ١/ ٥٥، "الحجة" ٢/ ٢٢٥، "شرح أبيات المغني" ١/ ٢١٩، وفي "خزانة الأدب" ١/ ٤٠٦، ولدريد في "لسان العرب" ١/ ١٥٨، ولمعن بن أوس في "ديوانه" ص ٣٩. قال: العيني ١/ ٣٢٩: أقول قائله هو حاتم بن عدي الطائي، كذا قالت جماعة من النحاة. ينظر: "المعجم المفصل" ٢/ ٢٠٢، وتحقيق أحمد شاكر لكتاب "الشعر والشعراء" ١/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>