للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: أراد: دُلِّيني، ولم يرد رؤية العين (١). وقوله: لأنني، أي: لعلني (٢).

وقال أبو إسحاق: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} معناه: عرِّفنا متعبداتنا، وكلُّ متعبدٍ فهو منسِك ومنسَك، ومن هذا قيل للعابد: ناسك، ويقال للذبيحة المتقرب بها إلى الله: نسيكة، وإنما سمي الذبيحة نَسِيكة (٣)؛ لأنهم كانوا يذبحونها للعبادة. فقوله: {مَنَاسِكَنَا} يحتمل أن يكون جمع مَنْسَك الذي هو المصدر، فيكون على تقدير حذف المضاف كما ذكرنا، ويحتمل أن يكون جمع منسك الذي هو الموضع، فلا يكون فيه حذف. ونسك في اللغة على معنيين:

أحدهما: ذَبَح، والآخر: عَبَدَ، فلا يُدرى (٤) أيهما الأصل (٥).

وفي قوله: (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} قراءتان: كسر الراء، وإسكانها (٦).

قال أبو إسحاق: والأجود الكسر؛ لأن الأصل أَرْئنا، فالكسرة في الراء إنما هي كسرة همزة، أُلقيت فَطُرحت حركتها على الراء، فالكسرة دليلُ الهمزة، وحذفُها قبيحٌ، وهو جائزٌ على بُعدٍ؛ لأن الكسرةَ والضمةَ


(١) ما تقدم من "الحجة" ٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥ بتصرف واختصار.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٥٥.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٠٩، وقال بعده: وكان الأصل في النسك إنما هو من الذبيحة لله جل وعز.
(٤) في (ش): (ندري).
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٦٢ (نسو).
(٦) قرأ ابن كثير والسوسي ويعقوب بإسكان الراء، وقرأ الدوري عن أبي عمرو بإخفاء كسرتها: أي: اختلاسها، والباقون بالكسرة الكاملة على الأصل. ينظر: "السبعة" ص ١٧٠، "الحجة" ٢/ ٢٢٤، "البدور الزاهرة" ص ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>