للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإتيان (١).

فقولهم: (لئن) تستعمل فيما يستقبل، وجوابها يقع بالمستقبل، و (لو) تستعمل في الماضي، وجوابها يقع بالماضي، كقولك: لئن قمتَ لأقومنّ، ولو قمتَ قمتُ، هذا معنى الكلمتين ووضعهما في الأصل.

ثم إنّ العرب لما استجازت في الفعل المستقبل والماضي أن يقوم أحدهما مقام الآخر، استجازت تقريب إحدى هاتين الكلمتين من الأخرى في الجواب؛ لذلك أجيبت لئن بجواب لو في هذه الآية (٢). ومثل هذا من تقريب إحداهما من الأخرى في التنزيل قوله: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا} [الروم: ٥١]، أجيب (لئن) بجواب (لو). وأجيبت (لو) بجواب (لئن) في قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ} [البقرة: ١٠٣] فقوله: {لَمَثُوبَةٌ} ميعاد للثواب في المستقبل، ومثل هذا يكون جوابًا لقولك: لئن. وهذا معنى قول الفراء؛ لأنه قال؛ أجيبت لئن بجواب لو؛ لأن الماضي وليها، كما يلي لو، فأجيبت بجواب لو، ودخلت كل واحدة منهما على أختها، وشبهت كل واحدة بصاحبتها (٣).


(١) بمعناه من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، وينظر: "الكتاب" لسيبويه ٣/ ٧٧، و ١٠٧، و ١٠٨، "المقتضب" للمبرد ٢/ ٤٦ - ٤٧، و ٣٦٢.
(٢) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٣.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٤، واختاره الطبري ٢/ ٢٤، ورده الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٢٢٤، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ٩٩، وقال متعقبا رأي الفراء: وهو بعيد، لأن إن للمستقبل، ولو للماضي. وقال أبو حيان، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٠: اللام في (ولئن) هي التي تؤذن بقسم محذوف متقدم، فقد اجتمع القسم المتقدم المحذوف والشرط متأخر عنه، فالجواب للقسم، وهو قوله: (ما تبعوا)؛ ولذلك لم تدخله الماء، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>