للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما التفسير: فإن اليهود والنصارى طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - الآيات، فأنزل الله هذه الآية، وقد علم أهل الكتابين أن محمدًا حقّ، وصفته ونبوته في كتابهم، ولكنهم جحدوا مع تحقق علمهم، وما تغني الآيات عند من يجحد ما يعرف (١)؛ لذلك قال -عز من قائل-: {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ}.

فإن قيل: كيف قال هذا، وقد آمن منهم كثير؟

قيل: هذا إخبار عن جميعهم أنهم كلهم لا يفعلون (٢) ذلك (٣).

وقيل: إنه أراد الفريق الذين هم أهل العناد، وهم الذين عناهم بقوله: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} (٤).

وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} حسم بهذا إطماع اليهود في رجوعه - صلى الله عليه وسلم - إلى قبلتهم، لأنهم كانوا يطمعون. وأكّد بهذا أنه لا ينسخ التوجه


= منفي بما، ماضي الفعل، مستقبل المعنى. ثم رد مذهب الفراء بقوله: وهذا الذي قاله الفراء هو بناء على مذهبه أن المقسم إذا تقدم على الشرط جاز أن يكون الجواب للشرط دون القسم، وليس هذا مذهب البصريين، بل الجواب يكون للقسم بشرطه المذكور في النحو، واستعمال (إن) بمعنى (لو) قليل، فلا ينبغي أن يحمل على ذلك، إذا ساغ إقرارها على وضع أصلها. وقال ابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٢/ ١٧: وجاء جواب لئن كجواب لو، وهي ضدها في أن لو تطلب المضي والوقوع، وإن تطلب الاستقبال؛ لأنهما جميعاً يترتب قبلهما معنى القسم، فالجواب إنما هو للقسم، لا أن أحد الحرفين يقع موقع الآخر، هذا قول سيبويه.
(١) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٧، "تفسير الطبري" ٢/ ٢٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٤، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٥، "الكفاية" ١/ ١٨، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٣.
(٢) في (ش): (لا يعقلون).
(٣) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ١٧، "التفسير الكبير" ٤/ ١٢٥، ونسبه إلى الحسن.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>