للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو إسحاق: قال أكثر أهل اللغة (١): هو ضمير لكل، المعنى: هو مولّيها وَجْهَة، وجاء قوله: {هُوَ مُوَلِّيهَا} على لفظ كل، ولو قيل: هم (٢) مولّوها على المعنى كما قال: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: ٨٧]، كان حسنًا، يريد: كل أهل وجهة هم الذين ولّوا وجوههم إلى تلك الجهة (٣)، ونحو هذا قال الفراء، فقال: هو مولّيها: مستقبلها، الفعل لكلٍ، يريد: كلٌّ مولّي وجهه إليها.

والتولية في هذا الموضع: الإقبال، وفي {يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} [آل عمران: ١١١] {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥] نصراف، وهو كقولك في الكلام: انصرِفْ إليّ، أي: أقبِلْ إلي، وانصرف إلى أهلك، أي: اذهب إلى أهلك (٤)، وهذا وجه آخر في ولّى، بمعنى: أقبل، وبمعنى: أدبر، غير ما ذكرنا في قوله {فَلَنُوَلّيَنَكَ} أنّ (ولّى) من الأضداد.

قال الزجاج: وكلا القولين جائز (٥)، أي: أن يكون {هُوَ} كناية عن الله تعالى. وأن يكون كناية عن كلّ.


(١) في "معاني القرآن" للزجاج: قال بعض أهل اللغة. وهو أكثر القول.
(٢) في (أ)، (م): (هو).
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥، وليس عنده: وجاء قوله كان حسنًا، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧: (وهو)، من قوله: (موليها)، عائد على (كل)، على لفظه، لا على معناه، أي: هو مستقبلها وموجه إليها صلاته التي يتقرب بها، والمفعول الثاني لموليها محذوف؛ لفهم المعنى، أي: هو موليها وجهه أو نفسه، قاله ابن عباس وعطاء والربيع، ويؤيد أن هو عائد على كل، قراءة من قرأ: هو مولاها.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٥ بمعناه.
(٥) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>