للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن عامر (١): (هو مولّاها) (٢). وعلى هذه القراءة الكناية تعود إلى كل فقط، والمفعولان مذكوران، وذلك أنه حذف الفاعل، وأضاف المفعول الأول إلى المفعول الآخر، الذي هو ضمير المؤنث العائد إلى الوجهة، أي: كلٌّ وُلِّي جهةً، وهذه القراءة تؤول في المعنى إلى القراءة الأولى (٣)؛ لأن التولية في المعنى استقبال، وما استقبلك فقد استقبلته، وما استقبلته فقد استقبلك.

وقال أبو (٤) الحسن النحوي فيما قرأته عليه: من قرأ بفتح اللام فحجته قوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً} فلما كان الله هو الذي يولّي القبلةَ فالإنسان مولًّى (٥) إياها، ومن قرأ بكسر اللام قال: لما كان الله هو الذي يولّي المتوجه القبلة؛ كان إسناد التولية إليه أولى. وموضع {هُوَ مُوَلِّيهَا} رفع؛ لأنها جملة وقعت صفةً لقوله {وِجْهَةٌ} (٦).

وقال الحسن في هذه الآية: هو كقوله: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} [الحج: ٦٧] (٧).


(١) في (م): (عباس). وعند الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٨٥: وقرأ ابن عباس وغيره. وكذا عند الطبري ٢/ ٢٩.
(٢) ينظر: "السبعة" ص ١٧١، "الكشف" لمكي ١/ ٢٦٧، "النشر" ٢/ ٢٢٣.
(٣) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٤٠، وزاد: ألا ترى أن في (موليها) ضمير اسم الله عز وجل، فإذا أسند الفعل إلى المفعول به، وبناه له، ففاعل التولية هو الله تعالى، كما كانت القراءة الأخرى كذلك.
(٤) في (ش) سقطت (أبو).
(٥) في (ش) و (م): كتبت (مولي) بنقطتين.
(٦) ينظر: "التبيان" للعكبري ص ٩٩ - ١٠٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧.
(٧) وفي "البحر المحيط" ١/ ٤٣٧: وقال الحسن: وجهة: طريقة، كما قال: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).

<<  <  ج: ص:  >  >>