للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} قال أهل التفسير: أراد: إلى الخيرات، فحذف حرف الجر (١)، كقول الراعي:

ثنائي عليكم يَا ابْنَ حَرْبٍ وَمَنْ يَمِلْ ... سواكم فإني مهتدٍ غيرُ مائل (٢)

قال النحويون: ودعوى (٣) الحذف لا يطرد هاهنا، وليس (٤) الحذف من ضرورة هذا الكلام، فإن العرب تقول: استبقنا موضع كذا، أي: قصدناه متسابقين، كقوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يوسف: ٢٥] وقوله: {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} [يس: ٦٦] وقلَّ ما تراه مستعملا مع الخافض.

وقوله تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ} قال الفراء: إذا رأيت حروف الاستفهام قد وُصِلت بـ (ما) مثل: أينما، ومتى ما، وكيف ما {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: ١١٠] كانت جزاء ولم تكن استفهامًا. فإذا لم توصل بـ (ما) كان الأغلب عليها الاستفهام، وجاز فيها الجزاء، فإذا كانت جزاءً جزمت الفعلين، الفعلَ الذي مع أينما وأخواتها، وجوابَه، كقوله: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ}. فإذا أدخلت الفاء في الجواب، رفعت الجواب فقلت في مثله من الكلام: أينما تكن فآتيك، ومثله قوله: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ} [البقرة:


(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٤،"البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧.
(٢) البيت للراعي النميري، في مدح يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ينظر "ديوانه" ص ١٩١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧ وموضع الشاهد قوله: ومن يمل سواكم، أراد: ومن يمل إلى سواكم.
(٣) في (ش): (ومعنى دعوى).
(٤) سقطت من: (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>