للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من عنده، فذهابه يخلف مجيئه، ومجيئه يخلف ذهابه. أحدهما خلاف الآخر، أي: بعده، وكل شيء يجيء بعده شيء، فهو خِلفه. وبهذا فُسِّر قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: ٦٢] (١)، قال الفراء: يذهب هذا، ويجيء هذا (٢).

الثاني: قال ابن كيسان (٣) وعطاء (٤) في هذه الآية: أراد: اختلافهما في الطول والقصر، والنور والظلمة، والزيادة والنقصان.

قال الكسائي: يقال لكل شيئين اختلفا: هما خِلْفان وخِلْفتان، وقول زهير:

بها العِينُ والآرامُ يمشين خِلْفةً (٥)

فسّر بالوجهين: تكون مختلفة في ألوانها وتكون يذهب هذا، ويجيء هذا. وهذا القول يرجع إلى معنى الأول؛ لأن معنى الاختلاف في اللغة:


(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٦٣ ولم يذكر غيره، "تفسير البغوي" ١/ ١٧٧، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٧٦.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧١، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٠٨، "اللسان" ٢/ ١٢٣٧ (خلف).
(٣) ذكره في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٠٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٦٥.
(٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٠٩، "القرطبي" ٢/ ١٧٦، "البغوي" ١/ ١٧٧.
(٥) عجز البيت:
وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وهو في "ديوانه" ص ٥، "جمهرة اللغة" ص٤١٥ - ٤١٦، "لسان العرب" ٢/ ١٢٣٧ (خلف)، و ٥/ ٢٧٠٠، وبلا نسبة في "رصف المباني" ص ١٤٥. وقوله: بها: أى بدار من يتغزل بها، والعين: البقر، واحدها: أعين وعيناء، وذلك لسعة عيونها، والآرام: الظباء الخوالص البياض، والأطلاء: الصغار من البقر والظباء, والمجثم: ما تربض فيه وترقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>