للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بين الوصفين لاختلاف الفائدتين، إذ وصْفُه بأنه حلال يفيد أنه طِلْقٌ، ووصفه بأنه طيب أنه يغتذى به، وهو مُستلَذّ في العاجل والآجل. فعلى هذا: التراب والخشب طاهر، ولا يحل أكلهما؛ لأنهما ليسا من الطيّب الذي يغتذى به (١).

وقال الزجاج: الأجود أن يكون المعنى: من حيث يطيب لكم، أي: لا تأكلوا مما يحرم (٢). فعلى هذا: المعنى: كلوا حلالًا من حيث يحِلّ لكم، فأما أن يأكل مال غيره فهو حلال في جنسه، ولكن ليس يحلّ له أكله، فهو حلال وليس مما يطيب له.

وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} قال ابن السِّكِّيت فيما رواه عن اللحياني: الخُطوة والخَطْوة بمعنى، وحكى عن الفراء: خَطَوْتُ خَطْوَةً، والخَطْوَة ما بين القدمين. وقالوا: خطوتُ خُطوةً، كما قالوا: حَسَوتُ حَسْوَةً، والحُسْوة: اسم ما تحسيت، وكذلك غَرفتُ غَرْفةً، والغُرفة: اسم ما اغترفت (٣). وإذا كان كذلك، فالخطوة: المكان المتخطى، كما أن الغرفة: المغترَفة بالكف، فيكون المعنى: لا تتبعوا سبيله، ولا تسلكوا طريقه، لأن الخطوة: اسم مكان، وهذا قول عبد الله


(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤١، "البحر المحيط" ١/ ٤٧٩.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤١.
(٣) نقل الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٥٢ (خطا): وقال الفراء: العرب تجمع فُعلة من الأسماء على فُعُلات، مثل: حجرة وحجرات، فرقًا بين الاسم والنعت، النعت يخفف، مثل حلوة وحُلْوات، فلذلك صار التثقيل الاختيار، وربما خفف الاسم، وربما فتح ثانيه فقيل: حُجَرات ولنظر في معاني الخطوة "تفسير الطبري" ٢/ ٧٦، "المفردات" ص ١٥٨، "اللسان" ٢/ ١٢٠٥ (خطا).

<<  <  ج: ص:  >  >>