للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقول الثاني: أن معنى الآية: ومثل الذين كفروا في قلة عقلهم وفهمهم عن الله عز وجل وعن رسولهِ كمثل المنعوقِ به من البهائم، التي لا تفقه من الأمر والنهى غير الصوت، فيكون المعنى للمنعوق به (١)، والكلام خارج على الناعق، وهو جائز عند العرب، يقلبون الكلام لاتضاح المعنى عندهم، فيقولون: اعرض الحوض على الناقة، وإنما هو: اعرض الناقة على الحوض، وأنشد:

كانت فريضة ما تقول كما ... كان الزناءُ فريضةَ الرجم (٢)

أراد: كما كان الرجمُ فريضةَ الزنا. وعلى هذا حُمِل قوله تعالى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: ٧٦]، المعنى: أن العُصْبَةَ تنوء بالمفاتح (٣). واعترض ابن قتيبة على هذا القول بأن قال: لا يجوز لأحد أن يحكم بهذا على كتاب الله، لأن الشاعر يقلب اللفظ ويزيل الكلام عن الغلط، على (٤) طريق الضرورة للقافية، أو لاستقامة الوزن، والله تعالى لا يغلط ولا يُضطر. هذا كلامه (٥).


(١) ينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٦٣، "تفسير الطبري" ٢/ ٨١، والثعلبي ١/ ١٢٤٦، "البحر المحيط" ١/ ٤٨٢.
(٢) البيت للنابغة الجعدي في "ديوانه" ص ٣٥، "لسان العرب " ٣/ ١٨٧٥ (زني)، وورد غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء، "مجاز القرآن" ١/ ٣٧٨، "تفسير الطبري" ٢/ ٨١، والثعلبي ١/ ١٣٣٧.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٩ - ١٠٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٣٦ - ١٣٣٧.
(٤) في (أ)، (م): (على الغلط وعلى طريق).
(٥) "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ص ٢٠٠، "البحر المحيط" ١/ ٤٨٢ وقال: وينبغي أن ينزه القرآن عنه؛ لأن الصحيح أن القلب لا يكون إلا في الشعر، أو إن جاء في الكلام فهو من القلة بحيث لا يقاس عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>